فرعا له أو بغير ذلك فإنه قد يسقط نصيبه فلم يكن من عداه من الشركاء مستحقا لسفك دمه لأنه لا يستحق إلا بعضه وإلا كان ذلك ظلما للقاتل وأخذا له بما لا يوجبه الشرع ولا يسوغه.

قوله: "ويقول المجني عليه أخطأت".

أقول: لا شك أن الخطأ في الشرع لا يوجب القصاص لا في النفس ولا في الأطراف وأما عند أهل اللغة فقد قيل إنه يقال أخطأ إذا جاء بما يخالف الصواب وإن كان عمدا ويقال أخطأ إذا لم يتعمد ولكن قد عرفناك غير مرة أن الواجب الحمل على الأعراف الغالبة في مدلولات من هو من أهلها لأن كل متكلم يتكلم بعرفه في كل ما أطلقه من كلامه ولا يجوز أن نفسر كلامه بغير عرفه إلا بقرينة تقتضي ذلك فإذا كان الخطأ في عرفه لا ينافي العمد لم يسقط القصاص بقوله أخطأت وإن كان ينافي العمد سقط لأنه لم يكمل المقتضي للقصاص باعترافه وإن قال الجاني تعمدت فلا اعتبار بذلك لأن المستحق للدم قد عبر عن نفسه بما ينافي ما أقر به الجاني فلم يثبت له عليه قصاص وهكذا قول المجني عليه ما فعلت فإنه اعتراف ببراءة سراحة الجاني من الفعل فلم يثبت القصاص عليه باعتراف من هو له ولا حكم لبينة الوارثة بما يخالف ذلك لأن مورثهم قد اعترف بما يدفع الشهادة وينافيها.

قوله: "وبانكشافه مستحقا".

أقول: وجهه أن القاتل استوفى حقه من المقتول فلم يتعلق به شيء وهكذا إذا ثبت أنه وارث لبعض القصاص فإنه قد استحق بعض ما يوجب القصاص عليه فلا يجوز أن يستوفي منه القصاص بعد سقوط بعضه وهذا ظاهر.

وأما قوله: "وبالإكراه" فوجهه واضح إذا بلغ الحد الذي يصير به الفعل منه كلافعل وأما لو بقي له فعل فلا يجوز كما تقدم في باب الإكراه.

وأما قوله: "ولا تهدد المقتول" فوجهه أن لا يثبت له حكم المرافعة بمجرد هذا التهدد لأنه هذيان باللسان لا يستلزم وقوع مدلوله في الخارج.

وأما قوله: "ولا لمشاركة من يسقط عنه" فالوجه في هذا أنه تقدم ثبوت قتل الجماعة بالواحد فسقوط القصاص عن أحدهم لا يستلزم سقوطه عن المشاركين له في القتل وهذا من الوضوح بمكان يستغنى عن ذكره وقد قدمنا في تقرير قتل الجماعة بالواحد ما فيه كفاية ومثل هذا العفو عن أحد القاتلين فإنه قد صار دم كل واحد منهم مستحقا على انفراده فلا يستلزم اسقاط القصاص عن أحدهم إسقاطه عن المشاركين له.

وأما قوله: "ولا بالإباحة" فلكون هذا لا يستباح بالإباحة لكن لا بد من تقييد هذا بكون القاتل قد علم أن هذا لا يستباح بالإباحة أما لو لم يعلم فإنه ينتفي لعدم علمه قيد العدوان وهو معتبر في سقوط القصاص.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015