ما عند مسلم "1955"، وأهل السنن أبو داود "2815"، الترمذي "1409"، النسائي "7/227"، ابن ماجة "1370"، من حديث شداد بن أوس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة"، وإحسان القتل لا يحصل بغير ضرب العنق بالسيف ومع هذا فقد ورد مرفوعا من حديث جماعة من الصحابة بلفظ: "لا قود إلا بالسيف"، [ابن ماجة "2667"، وهو وإن كان في طريق من طرقه مقال فقد شهد بعضها لبعض وقوى بعضها بعضا.
وأما ما ورد من أنه صلى الله عليه وسلم رض رأس اليهودي الذي قتل الجارية بين حجرين كما في الصحيحين وغيرهما فغاية ما هناك أن يكون هذا مختصا لمن وقع منه القتل على هذه الصفة فإن اليهودي رض رأس الجارية بين حجرين ففعل به النبي صلى الله عليه وسلم كما فعل بها.
وأما الاستدلال بمثل قوله سبحانه: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126] ، وقوله: {فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] ، وقوله: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 40] ، وما ورد في معنى هذه الآيات فهو الاستدلال بالعام مع وجود الخاص الصالح لتخصيصه ولو سلمنا لكان ذلك دالا على أنه يفعل بالقاتل كما فعل بالمقتول إلا أن يكون في القتل مثله فلا يجوز أن يقتص منه بمثل ما فعل لأن النهي عن المثلة أخص مطلقا من هذه الآيات وأما إذا تعذر الاقتصاص بضرب العنق فكيف أمكن بلا تعذيب كما قال المصنف لأن الضرورة اقتضت بذلك وله استيفاء حقه بحسب المكان.
قوله: "ولا إمهال إلا لوصية" الخ.
أقول: الوجه في لزوم الإمهال في هذه الأمور واضح وأما الوصية فلكون التخلص مما يجب على القاتل من الحقوق واجب وقد تكون منها حقوق للغير فلا يستوفي المقتص حقه بإبطال حق غيره.
وأما الإمهال لحضور غائب من جملة المستحقين للقصاص فلكونه قد يعفو أو يختار الدية وأما الإمهال لطلب ساكت فلكونه قد ينطق بما يوجب سقوط القصاص وأما الإمهال لبلوغ صبي فوجهه أنه من جملة المستحقين للقصاص فالانتظار لبلوغه واجب بإيجاب الشرع لعدم صحة اختياره قبل بلوغه وله بعد بلوغه أن يختار ما شاء ومن جملة ما يجوز له اختياره العفو أو الدية ومع كون الانتظار حقا للصغير فهو أيضا حق للقاتل لجواز أن يسقط القصاص عنه عند بلوغه.
وأما ما روي في قصة ابن ملجم فالمسألة من مطارح الاجتهاد ومسارح النظر ولم يكن ذلك مما لا مجال للاجتهاد فيه حتى يكون له حكم الرفع.
وأما قوله: "فلا يكفي أبوه" إلخ فصواب.
قوله: "ومتى قتل المعسر غير المستحق" الخ.
أقول: وجه ذلك أنه بقتله لمن كان دمه مستحقا للغير قد فوت عليه حقه الثابت شرعا فكان له مطالبته بالدية عوضا عن الدم الذي فوته عليه وأما تقييد هذا بقوله إن