وأما قوله: "والكفارة" فلا يخفاك أن الله سبحانه إنما شرع الكفارة في قتل الخطأ والمفروض هنا أن القتل وقع عمدا ولا كفارة في العمد إلا بدليل ولا دليل فلا وجه لإيجاب الكفارة ولكنها تجب الدية لأن سقوط القصاص لا يستلزم سقوطها.
وأما قوله: "والعبرة في العبد والكافر بحال الفعل" فوجهه ظاهر لأن تغير الوصف بعد صدور السبب لا يوجب تغير الموصوف حتى يحصل الانتفال عن تلك السببية الكائنة مع تلك الصفة.
[فصل
وتقتل المرأة بالرجل ولا مزيد وفي عكسه يتوفى ورثته نصف ديته وجماعة بواحد وعلى كل منهم دية كاملة إن طلبت وذلك حيث مات بمجموع فعلهم مباشرة أو سراية أو بالانضمام ولو زاد فعل أحدهم فإن اختلفوا فعلى المباشر وحده إن علم وتقدمه أو التبس تقدمه فإن علم تأخره أو اتحاد الوقت لزمه القود والآخر أرش الجراحة فقط فإن جهل المباشر لزم المتقدم أرش الجراحة فقط إن علم وإلا فلا شيء عليهما إلا من باب الدعوى فإن كان القاتل أحد الجرايح فبالسراية يلزم القود والأرش في الأخرى وهو فيهما مع لبس صاحبهما وفي المباشرة كما مر وبعضهم يحول] .
قوله: "فصل: وتقتل المرأة بالرجل ولا مزيد وفي عكسه يتوفى ورثته نصف دينه".
أقول: أما قتل المرأة بالرجل فالأمر ظاهر وليس في ذاك خلاف وأما قتل الرجل بالمرأة فقد ذهب الجمهور حتى حكى ابن المنذر الإجماع عليه إلا رواية عن علي وعن الحسن وعطاء ورواه البخاري "12/214"، عن أهل العلم وقد سقنا حجج المذهبين في شرحنا للمنتقى.
والحاصل أن الاستدلال بالكتاب على قتل الرجل بالمرأة أو عدمه لا يخلو من إشكال يفت في عضد الاستدلال فالأولى التعويل على ما وردت به السنة وقد ثبت في الصحيحين [البخاري "6879"، مسلم "1672"، وغيرهما أبو داود "4528"، الترمذي "1394"، النسائي "8/22"، من حديث أنس أن يهوديا رض رأس جارية بين حجرين فقيل لها من فعل بك هذا فلان أو فلان حتى سمي اليهودي فأومأت برأسها فجيء به فاعترف فأمر النبي صلى الله عليه وسلم فرض رأسه بحجرين فهذا فيه قتل الرجل بالمرأة ولو لم يكن ثابتا لم يقتل بها الذمى ولا المسلم وفي كتاب عمرو بن حزم المشتمل على تفصيل الديات والأروش للجنايات "أن الرجل يقتل بالمرأة" وهو كتاب كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن وأخرجه مالك في الموطأ والشافعي