وأما ما ذكره من أنواع التعزير فليس إلا الضرب والحبس وقوفا على ما رود به الشرع من تخصيص تلك العصمة الإسلامية ولكنه ينبغي أن يزيد في الضرب إلى حد العشر في المنتهك للكبائر التي لا حد فيها ويقتصر فيما دونها على دون العشر وهكذا يكون الحبس فيغلظ في الممتنع من الحق الثابت عليه والمنتهك لمعاصي الله سبحانه التي لم يرد فيها حد ويخفف فيما دون ذلك كالتهمة لتجويز أن يظهر ما يدل على براءته.
وأما قوله: "دون حد" فالذي قاله الصادق المصدوق: "لا يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله"، فإن هذه العبارة التي جاء بها المصنف من العبارة التي عبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فغاية ما يبلغ عليه التعزير هو عشرة أسواط وهي عشر حد الزنا وثمن حد القذف والشرب فكيف يستحل من المسلم أن يضرب مائة جلدة إلا واحدة أو ثمانين جلدة إلا واحدة مثلا وأي شرع دل على هذا أو قضى به نعم قضى بذلك شرع الوسوسة والخيال والعمل في أحكام الله على الرأي الذي هو شعبة من القيل والقال.
وأما قوله: "لكل معصية" إلى قوله وأخذ دون العشرة فهذا تمثيل صحيح ومن هذا القبيل المربي والخائن والغاصب والمتنع من تخلصه مما يجب عليه التخلص منه إلى ما لا يحصى من المعاصي.
وأما قوله: "في كل دون جد جنسه" فكان هذا يغنيه عن قوله: "دون حد" فيما تقدم.
قوله: "كالنرد".
أقول: قد ثبت في صحيح مسلم ["10/2260"، وغيره أبو داود "4939"، أحمد "5/352، 357، 361"، ابن ماجة "3763"] ، من حديث بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من لعب بالنرد شير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه"، وأخر احمد وأبو داود وابن ماجه والحاكم والدا رقطني والبيهقي بإسناد رجاله ثقات من حديث أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من لعب بالنرد فقد عصى الله وسوله"، وأخرجه أيضا مالك في الموطأ وأخرج أيضا احمد حديثا آخر عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من لعب بالكعاب فقد عصى الله وسوله"، وفي إسناده علي بن زيد وهو ضعيف والكعاب المذكورة هنا هي فصوص النرد وأخرج أحمد أيضا عن عبد الرحمن الخطمي قال سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مثل الذي يلعب بالنرد ثم يقوم فيصلي مثل الذي يتوضأ بالقيح ودم الخنزير ثم يقوم فيصلي". قال في مجمع الزوائد: فيه موسى ابن عبد الرحمن الخطمي ولم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح.
فهذه الأحاديث تدل على تحريم اللعب بالنرد دلالة واضحة بينة.
قوله: "والشطرنج".
أقول: لم يرد في هذا بخصوصه ما يصلح للعمل عليه والاحتجاج به إثباتا أو نفيا ولعل سبب ذلك تأخر ظهور هذه الآلة عن البعثة النبوية ولكنه ورد ورودا متكاثرا عن جماعة من