[فصل
وينعزل بالجور وبظهور الارتشاء لا بالبينة عليه إلا من مدعيه فيلفو ما حكم بعده ولو حقا بموت إمامه لا الخمسة وعزله إياه وعزله نفسه من وجه من ولاه وبقيام إمام] .
قوله: "فصل: وينعزل بالجور".
أقول: وجه هذا الانعزال أنه قد صار بالجور غير عدل والعدالة شرط كما تقدم والشرط يؤثر عدمه في عدم الشروط وهكذا إذا وقع من الحاكم قبول الرشوة فإنه ينعزل لبطلان عدالته بصدور هذه المعصية الكبيرة منه فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لعنة الله على الراشي والمرتشي في الحكم"، أخرجه أحمد "2/386، 387، 388"، وأبو داود والترمذي "1336"، وحسنه وابن حبان وصححه من حديث أبي هريرة وأخرجه أحمد "2/164، 190، 194، 212"، وأبو داود "3580"، وابن ماجه "2313"، والترمذي "1337"، وصححه من حديث عبد الله بن عمرو وأخرجه أيضا ابن حبان والدارقطني والطبراني وأخرجه أيضا أحمد "5/279"، والحاكم من حديث ثوبان وفي إسناده كما قال ابن حجر ليث بن أبي سليم إنه تفرد به وقال البزار في مجمع الزاوائد إنه أخرجه أحمد "5/279"، والبزار والطبراني في الكبير وفي إسناده أبو الخطاب وهو مجهول انتهى.
وأما قوله: "لا بالبينة عليه" الخ فلا وجه له فإن قيام البينة عليه يفيد ثبوت ارتشائه وسواء كان ذلك على جهة الشهادة أو الإخبار وسواء كان هناك من يدعي عليه أم لا وليس الوقوف عند هذه الاعتبارات إلا مجرد تقليد لا أصل له وأما كونه يلغو ما حكم به بعده فهو ثمرة انعزاله فإن العزل حجر له عن إيقاع الأحكام.
قوله: "وبموت إمامه".
أقول: قد قدمنا في الوقف عند قول المصنف: "وتبطل تولية أصلها الإمام بموته" ما يغني عن إعادته هنا فليرجع إليه.
وأما قوله: "وبقيام إمام" فمبني على بطلان الولاية بموت الإمام الأول الذي ولاه وقد قدمنا دفعه فولاية الإمام الذي ولاه باقية لا موجب لبطلانها لا من شرع ولا من عقل.
وأما قوله: "أو محتسب" فقد قدمنا الكلام عليه عند قوله: "وولاية من إمام حق أو محتسب".
وأما قوله: "وعزله نفسه في وجه من ولاه" فوجهه أن القاضي إذا اختار التخلي عن القضاء والخلوص من تكاليفه كان له ذلك ولكنه إذا لم يأذن له الإمام بذلك كان آثما لوجوب طاعة الأئمة وإذا كان لا يغني عنه غيره كان إثما آثما آخر من هذه الجهة لأنه ترك ما أخذه الله عليه من البيان للناس الذي أوجبه على الذين أوتوا الكتاب وأخذ به ميثاقهم فهو قد ترك واجبين وباء بإثمين.