الأبوين عظيما لكنهما لا يقران على ما هو ظلم منع منه الشرع.

وأما قوله: "ويحبس لنفقة طفله لا دينه" فوجهه أنه أخل بواجب عليه وهكذا إذا أخل بما يجب عليه لولده الكبير مع تمكنه فإنه لا فرق بينه وبين الطفل.

قوله: "ونفقة المحبوس من ماله".

أقول: وجه ذلك محبوس في حق قد تبين لزومه له عند الحاكم فامتنع منه فهو الجاني على نفسه فلا يخاطب أحد بنفقته حال حبسه حتى يتخلص مما عليه فإذا بقي بعد ذلك كان إنفاقه على الحابس له لأنه ظالم له وما لزمه بسبب هذا الظلم رجع به على ظالمه وإذا كان المحبوس فقيرا ولم يمتثل للحق فهو أحد المحاويج إلى بيت مال المسلمين من جهة كونه فقيرا سواء كان محبوسا أو غير محبوس لا من جهة كونه متمردا عن حق واجب عليه وهذا إذا كان محبوسا في غير مال عليه من حد أو قصاص أو جسارة أو نحو ذلك وأما المحبوس في المال فإذا عجز عن نفقة نفسه فهو عن القضاء أعجز وكفى له بذلك سببا لإطلاقه.

وأما قوله: "ثم من خصمه قرضا" فلا وجه له لأنه إيجاب ما لم يوجبه عليه الشرع والمفروض أنه مطالب بحق وأن المحبوس ممتنع منه ولم يظهر ما يوجب إطلاقه.

قوله: "وأجرة السجان والأعوان من مال المصالح".

أقول: هذا صحيح لأنه يحصل بهم إنفاذ حكم الشرع وتمام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن تعذر الأخذ لهم من مال المصالح كان لهم الأجرة ممن تمرد عن الحق فلم يمتثل لحضور مجلس الشرع إلا بإحضار الأعوان له ومن المحبوس بحق لأنهما الجانبان على أنفسهما بسبب الإخلال بما هو واجب عليهما.

وأما قوله: "ثم من ذوي الحق" فلا وجه له لما قدمنا قبل هذا ولا وجه لقياسه على المقتص لأن المباشر للقصاص نيابة عمن هو إليه لا واجب عليه بخلاف الخصم الذي لم يمتثل للإجابة إلى الشرع أو صار في الحبس بسبب عدم تخلصه مما يجب عليه فإن الحق عليه ثابت وهو مخل بما يجب عليه شرعا فأين هذا ممن يتولى القصاص بالنيابة فإنه أجير كسائر الأجراء.

قوله: "وندب الحث على الصلح".

أقول: ينبغي للحاكم أن يذكر القوارع والزواجر عمن قضى له بباطل أو خاصم في خصومة باطلة كما قال صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه في الصحيحين وغيرهما من حديث أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي بنحو مما أسمع فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار"، وكما في صحيح مسلم "223/139"، وغيره أبو داود "3623"، أحمد "4/317"،/ من حديث وائل بن حجر في قصة الحضرمي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما أدبر الرجل: "أما لئن حلف على ماله ليأكله ظلما ليلقين الله وهو عنه معرض"، وكما أخرجه أبو داود "3597"، بإسناد لا مطعن فيه من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015