وفي أسانيدها مقال لكنه يقوى بعضها بعضا ويشهد لها الحديث المتقدم بلفظ: "وإن أوتيتها من غير مسألة أعنت عليها" فإن هذا المذكور في أحاديث هبوط الملائكة هو نوع من الإعانة ومن هذا ما أخرجه أحمد "3/118، 220"، وأبو داود "3578"، والترمذي "1323"، وابن ماجة "2309"، من حديث أنس قال قال رسول صلى الله عليه وسلم: "من سأل القضاء وكل إلى نفسه ومن جبر عليه ينزل ملك يسدده".
قوله: "وشروطه الذكورة".
أقول: قد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء بأنهن ناقصات عقل ودين ومن كان بهذه المنزلة لا يصلح لتولي الحكم بين عباد الله وفصل خصوماتهم بما تقتضيه الشريعة المطهرة ويوجبه العدل فليس بعد نقصان العقل والدين شيء ولا يقاس القضاء على الرواية فإنها تروي ما بلغها وتحكي ما قيل لها وأما القضاء فهو يحتاج إلى اجتهاد أصحاب الرأي وكمال الإدراك والتبصر في الأمور والتفهم لحقائقها وليست المرأة في ورد ولا صدر من ذلك.
ويؤيد هذا ما ثبت في الصحيح [البخاري "4425، 7099"] ، من قوله صلى الله عليه وسلم: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" فليس بعد نفي الفلاح شيء من الوعيد الشديد ورأس الأمور هو القضاء بحكم الله عزوجل فدخوله فيها دخولا أوليا.
قوله: "والتكليف".
أقول: الصبي قد تقرر بالأدلة رفع قلم التكليف عنه ومن لازم القضاء أن يكلف العباد بما تقتضيه الشريعة المطهرة فكيف يصلح لذلك من لم يصلح لتكليف نفسه وكيف يقوم الظل والعود أعوج وكيف يصح اتصافه بالعدالة التي هي مع العلم رأس مال القاضي وقد تعوذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من إمارة الصبيان كما أخرجه أحمد "2/326"، من حديث أبي هريرة وتعوذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من إمارة السفهاء كما أخرجه أحمد أيضا بإسناد رجاله رجال الصحيح والصبي سفيه وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل من علامات القيامة: "إذا وسِّد الأمر إلى غير أهله" [البخاري "11/333"] ، والصبي ليس من أهله.
قوله: "والسلامة من العمى والخرس".
أقول: القاضي يحتاج إلى البصر لمشاهدة الخصوم ومعرفة أحوالهم ويحتاج إلى السمع لسماع كلامهم وما يوردونه لهم وعليهم فولاية الأعمى أو الأخرس بلاء مصبوب على الخصوم وتعذيب لهم مع عدم الركون على ما يفعلانه لهذا النقص الظاهر الواضح فهما مانعان من هذه الحيثية مع أنهما فاقدان لأعظم ما لا يتم المقتضي إلا به.
قوله: "والاجتهاد في الأصح".
أقول: القاضي مأمور بأن يحكم بالعدل والحق وبما أنزل الله وبما أراه الله عزوجل كما وقع النص على هذه الأمور في الكتاب العزيز والمقلد لا يقدر على تعقل حجج الله فضلا على أن يقدر على التمييز بين العدل والجور والحق والباطل وعلى الحكم بما أراه الله فإنه سبحانه