فالحاصل أن للناذر أن يستنيب من ينذر عنه وللواهب هبة لا عوض فيها أن يستنيب من يهب عنه وللمعتق أن يستنيب من يعتق عنه ونحو هذه الأمور فمن ادعى المنع من شيء من هذه الأمور فعليه الناقل عن الأصل ومما يدل على هذا الجواز دلالة واضحة بعث من ينوب في الجهاد وتجهيز من يجاهد ونحو ذلك وقد قدمنا في مواضع التنبيه على هذا.
وأما قوله: "ويمين" فالوجه ظاهر لأن الاستنابة في ذلك لا تتيسر بوجه ولا يجري في مثلها حكم وهكذا قوله ولعان لأنه نوع من الأيمان.
وأما قوله: "وقربة بدنية إلا الحج لعذر" فمبني على أن الأصل عدم جواز الاستنابة فيها وقد عرفت ما فيه.
وأما قوله: "ومحظور" فوجهه أنه لا يحل للموكل أن يفعل ذلك بنفسه فكيف يحل له أن يوكل غيره.
وأما إيقاع الظهار والطلاق فليس للمنع وجه وإن كان الظهار منكرا من القول وزورا والطلاق البدعي منهيا عنه لكنه يلزمه حكمه إذا فعله بنفسه فكذلك يلزمه حكمه إذا وكل من ينوب عنه فيه وهكذا لا مانع من التوكيل في إثبات الحد والقصاص ولا من التوكيل لاستيفائها سواء حضر الأصل أو غاب وكيف لا يصح هذا وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث من يقتل المؤذين له من رؤساء الكفر في غير واقعة [البخاري "4037"، مسلم "1801"ي، وذلك استيفاء حد قد وجب عليهم وحلت به دماؤهم لأنهم كانوا من اليهود وهكذا بعث عليا يقتل الذي كان يدخ ل على أمهات المؤمنين فوجده مجبوبا وكذلك بعث أنيسا فقال: "واغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها"، [البخاري "5/301، 12/136، 13/185، 13/249"، مسلم "24/1697، 1698"، أبو داود "4445"، النسائي "8/240، 241"، الترمذي "1433"، ابن ماجة "2549"، أحمد "4/115، 116"] .
وأما المنع من الاستنابة في تأدية الشهادة إلا على طريقة الإرعاء فقد تقدم بيان الكلام فيه ولا وجه لمنع الاستنابة في الإحياء للفرق بين أن يباشر الشيء قاصدا تملكه وبين أن يباشره قاصدا أن يتملكه غيره.
وأما قوله: "وفيما ليس للأصل توليه بنفسه" فصحيح ووجهه ظاهر لأن الاستنابة متفرعة عن ثبوت تولي الأصل لذلك الشيء وإذا كان ممنوعا منه فمنع التوكيل منه ثابت بفحوى الخطاب إلا ما احترز عنه من توكيل المرأة من يزوجها فإنه قد ورد الشرع بذلك كما تقدم.
[فصل
وتصح فيما عدا ذلك من كل أحد لكل مميز إلا امرأة ومحرما ومسلما أصله ذمي