وجد الماء أعطى الرجل الذي أصابته الجنابة إناء من ماء فقال: "اذهب فأفرغه عليك" وهذا ظاهر في أن الغسل للجنابة التي قد تيمم لها.
وأخرجه البيهقي عن عمران بن حصين بلفظ: فقال للرجل: "ما منعك أن تصلي؟ " قال: يا رسول الله أصابتني جنابة قال: "فتيمم بالصعيد فإذا فرغت فصل فإذا أدركت الماء فاغتسل" وهذا أأصرح من الحديث الذي قبله في أن الغسل للجنابة التي قد تيمم لها.
وفي إسناده أحمد بن عبد الجبار العطاردي قد ضعفه جماعة ولكنه قال الذهبي في المغني حديثة مستقيم انتهى والحديث الأول يشهد له ويقويه.
وأخرج الطبراني في الكبير حديث أسلع خادم النبي صلى الله عليه وسلم أنه أصابته جنابة فأمره صلى الله عليه وسلم بالتيمم فتيمم ثم مروا بماء فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا أسلع! هذا أمس هذا جلدك" وهو كالحديث الأول في الدلالة على أن الغسل للجنابة التي قد تيمم لها.
قلت ليس في الحدثين ما يفيد ان الأمر بالغسل للجنابة التي قد تيمم لها كما ذكرت ولو كان كذلك لأمره بإعادة الصلاة التي قد فعلها بالتيمم ولم يثبت ذلك وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.
ولو سلمنا ما ذكرت لكان معارضا لحديث عمرو بن العاص الصحيح أنه احتلم فصلى بأصحابه بالتيمم فشكوه إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "صليت بأصحابك وأنت جنب؟ " فقال سمعت الله يقول: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29] ، فقره على ذلك ولم يأمره بالغسل.
وأيضا قياس الجنابة على الوضوء يدل على عدم وجوب غسل الجنابة بعد التيمم لها لما تقدم في حديث الرجلين وقوله صلى الله عليه وسلم للذي لم يعد: "أصبت السنة" فإذا قوي التيمم على رفع الحدث الأصغر قوي على رفع الحدث الأكبر لاشتراكهما في منع كل واحد منهما من الصلاة.
ويؤيد هذا ما تقدم من العمومات الصحيحة ومع التعارض يرجع إلي الأصل وهو أن التيمم طهارة شرعها الله عوضا عن الماء فيرتفع بها ما يرتفع بالماء.
وقد يجمع بين الأدلة بأن أمره صلى الله عليه وسلم للجنب بأن يغتسل عند وجود الماء ليس لرفع الجنابة فإنها قد ارتفعت بالتيمم بل لغسل ما يتلوث به البدن من آثار الجنابة لا سيما المحتلم فإنه لا بد أن يصيب المني بعض بدنه في الغالب.
[فصل:
ولعادم الماء في الميل أن يتيمم لقراءة ولبث في المسجد مقدرين ونفل كذلك وإن كثر قيل ويقرأ بينهما ولذي السبب عند وجوده والحائض للوطء وتكرره للتكرار] .
قوله: فصل: "ولعادم الماء في الميل أن يتيمم لقراءة ولبث في المسجد مقدرين".