قوله: "وفي النسب والسبب التصادق" الخ.
أقول: الإقرار هو أقوى الأسباب في ثبوت الحقوق والحدود والأنساب والأسباب فإذا وقع على وجه الصحة كان معمولا به إذا كان من جميع من له دخل في ذلك النسب أو السبب ولا ينافي هذا ما صح من قوله صلى الله عليه وسلم: "الولد للفراش"، [البخاري "6818"، مسلم "37/1458"، أبو داود "2237"، أحمد "6/129، 200، 237"، النسائي "3484"، ابن ماجة "2004"] ، فإن هذا الحكم إنما هو مع الاختلاف كما شهد لذلك سبب الحديث وأما مع الاتفاق وحصول الإقرار فلا رجوع إلى الفراش لأنه قد وجد ما هو أقوى منه ولا شك أن السكوت من المقربة تقرير لمضمون الإقرار فهو تصديق ولا وجه للفرق بين الإقرار بالمال والإقرار بالنسب والسبب بل مجرد القبول ولو بالسكوت يكفي في الجميع.
قوله: "وعدم الواسطة" الخ.
أقول: لم يظهر لهذا الاشتراط وجه بل إذا كان الإقرار والتصادق بشيء لا يضر بالغير ولا يوجب إلزامه بما لا يلزمه فهو صحيح ثابت لا وجه لرده ولا مقتضى لعدم قبوله فيثبت النسب والإرث بذلك ويكفي في الأمرين جميعا ومن ادعى أن ثم مانعا مقبولا فعليه البيان.
قوله: "ويصح بالعلوق".
أقول: وجهه أنه أقر بما يوجبه الفراش ويقتضيه حكم الشرع فكان إقرارا صحيحا شرعيا لا يقبل منه بعد ذلك ما يخالفه وهكذا إقرار المرأة بالولد الصحيح فإن أضافته إلى أب معين فلا بد من مصادقته لها فإن خالفها كان الواجب الرجوع إلى ما يقتضيه حكم الفراش وهذه المسائل ظاهرة واضحة مأخوذة من كليات الشريعة وجزئياتها.
قوله: "ولا يصح من السبى في الرحامات".
أقول: وجه هذا أنه يتضمن الإضرار بالسيد إما بتحريم ما هو حلال قبل الإقرار أو بتقديم غيره في الميراث عليه وقد عرفت أن الإقرار لا يصح بما فيه إضرار بالغير بوجه من الوجوه وإنما يصح بما هو خاص بالمقر لا يتعداه إلى غيره كما تقدم تقريره أما لو كان ذلك الإقرار لا يضر بالسيد لا في الحال ولا في الاستقبال فهو صحيح وله حكمه في الأمور التي يوجبها النسب ولا يلحق ضررها بالغير فإذا أقر المملوك بما يوجب تحريم النكاح بينه وبين من أقر به يسبب القرابة المقتضية لذلك كان هذا الإقرار صحيحا ولا وجه لرده.
قوله: "والبينة على مدعي توليج المقربه".
أقول: وجهه أن الظاهر صحة الإقرار فدعوى التوليج خلاف الظاهر فيكلف مدعيه البينة المفيدة لكونه واقعا توليجا وهذا إذا لم يظهر من القرائن القوية أنه لقصد التوليج فإن ظهر ذلك كان الظاهر مع المدعي وعلى المقر أن ينهض لما يصحح إقراره وإلا كان المعمول به هو ما اقتضته القرائن القوية وقد قدمنا أن العمل بالقرائن القوية مع عدم ما هو أقوى منها مجمع عليه.