وأما قوله: "ولا يفعلها" فلا وجه له بل قد انقطع الطلب بفعلها وذهبت الخصومة ولا يقبل بغيرها بينة كما قدمنا تحقيق ذلك فلا وجه لقوله: "إلا أن يبرئه إن حلف فحلف" إلخ وإنما هو مبني على أن البينة تقبل بعد اليمين كما يذهب إليه المصنف وموافقوه.
قوله: "ولا يحلف منكر الشهادة".
أقول: وجهه قول الله سبحانه: {وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ} [البقرة: 283] ، فإذا أنكر الشهادة فإن كان صادقا في إنكاره فليس عليه زيادة على ذلك وهو محسن بالشهادة وما على
المحسنين من سبيل وإن كان كاذبا فقد حق عليه ما قاله الله عزوجل: {وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: 283] ، وكفى له بذلك عقوبة.
وأما قوله ولا يضمن ولو صح كتمانه فوجهه أنه غير الغاصب لذلك المسلك أو المتسهلك له فلم يتوجه عليه ضمان وإنما يتوجه على المباشر ومال هذا الشاهد معصوم بعصمة الإسلام فلا يحل الأخذ بشيء منه إلا بما ينقل عن هذه العصمة.
وأما كونه ألا يضمن منكر الوثيقة ما فيها فوجهه ظاهر لأنه لم يكن بمجرد إنكارها غاصبا لما اشتملت عليه ولا مباشرا لإتلافه.
وأما كونها تحلف الرفيعة والمريض في دارهما فينبغي أن يقال إنه يحلف كل منكر في داره إذا طلب ذلك سواء كان رفيعا أو وضيعا لأن اليمين الواجبة عليه ليس عليه إلا إيقاعها ولا يجب عليه أن يخرج من منزله إلى منزل المدعي أو منزل الحاكم بل المدعي هو الذي يأتي لاستيفائها.