فالحق أن يستباح بالتيمم ما يستباح بالوضوء وأنه طهارة جعلها الله سبحانه بدلا عن الوضوء عند عدم الماء وللبدل حكم المبدل إلا ما خصه الدليل ولم يكن هذا مما خصه الدليل.

قوله: "وضرب التراب باليدين".

أقول: قد ثبت في الأحاديث الصحيحة أنه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك وعلمه غيره كما في الصحيحين وغيرهما من حديث عمار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "إنما يكفيك" وضرب النبي صلى الله عليه وسلم بكفيه الأرض ونفخ فيهما ثم مسح بهما وجهه وكفيه. [البخاري "338"، مسلم "112/368"، أبودأود "322"، النسائي "312و316"، ابن ماجة "569"] .

والحاصل أن جميع الأحاديث الصحيحة ليس فيها إلا ضربة واحدة للوجه والكفين فقط وجميع ما ورد في الضربتين أو كون المسح إلي المرفقين لا يخلو من ضعف يسقط به عن درجة الاعتبار ولا يصلح للعمل عليه حتى يقال إنه مشتمل على زيادة والزيادة يجب قبولها.

فالواجب الاقتصار على ما دلت عليه الأحاديث الصحيحة وما ذكره المصنف رحمه الله من انه يجب مسح الوجه مستكملا كالوضوء إن أراد أنه يجب تمييم الوجه بالمسح فذلك متعين وإن أراد أنه يجب تخليل الشعر فليس ذلك من شأن المسح ولا لتخليل الشعر مدخلية فيه بل المراد التعبد بمسح الشعر ما كان يجب غسله بالماء ويصيب ما أصاب ويخطىء ما أخطأ.

وكذا ما ذكره في مسح اليدين إن أراد به مجرد إيقاع المسح عليهما فلا بد من ذلك ولكن إلي الرسغين إلي المرفقين وإن أراد التخليل ونحوه فليس ذلك من شأن المسح ولا هو داخل في مفهومه.

وأما ما ذكره من أنها بندب هيأة التيمم فلا هيئة له إلا ما اشتمل عليه حديث عمار الذي ذكرناه.

[فصل:

وإنما يتيمم للخمس آخر وقتها فيتحرى للظهر بقية تسع العصر وتيممها وكذلك سائرها وللمقضية بقية تسع المؤداة ولا يضر المتحري بقاء الوقت.

وتبطل ما خرج وقتها قبل فراغها فتقضى] .

قوله: فصل: "وإنما يتيمم للخمس آخر وقتها".

أقول: الأوقات المضروبة للصلاة لا تختص بطهارة دون طهارة فطهارة التراب كطهارة الماء في أن كل واحدة منهما تؤدى بها الصلاة في الوقت المضروب لها ومن زعم أن ذلك يختص بالصلاة المؤداة بالطهارة بالماء فعليه الدليل ولا دليل أصلا.

ثم قد ورد الترغيب في تأدية الصلاة لأول وقتها بأحاديث صحيحة ثابتة في الصحيحين وغيرهما حتى وقع التصريح منه صلى الله عليه وسلم "بأن أفضل الأعمال الصلاة لأول وقتها" فمن زعم أن ذلك يختص

طور بواسطة نورين ميديا © 2015