ويجاب عنه بأنه قد ثبت بالأدلة المعمول بها أنها وقعت خصومة لدى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقام كل واحد من الخصمين البينة فقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما [أبو داود "3615"] ، فكون البينة على المدعي يدل على أنها عليه أصالة فإذا جاء خصمه ببينة كانت مقبولة وعلى الحاكم الرجوع إلى الترجيح فإن تساوت قسمة بينهما كما قسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قوله: "فإن كان كل خارجا اعتبر الترجيح".

أقول: هذا صحيح لعدم وجود مزية لأحد الخصمين على الآخر بالنسبة إلى اليد المفيدة للظاهر ووجوه الترجيح كثيرة يعرفها من يعرف الموازنة بين الأدلة والمعادلة بين وجوه الترجيح وهو القاضي المجتهد وأما المقلد المسكين فهو عن درك راجح الأمور ومرجوحها في أبعد مسافة فإنه لا يفهم نفس الحجة فكيف يفهم أن هذه الحجة أرجح من هذه وهذا السبب للحكم أقوى من هذا السبب.

وما قوله: "وإلا قسم" فصحيح قد دل عليه ما وقع منه صلى الله عليه وسلم من قسمه ما تنوزع فيه بين متنازعية عند تعارض البيتين.

وأما قوله: "ومتى كان المدعي في أيديهما" إلخ فوجهه واضح لأستوائهما بالنسبة إلى اليد فمن بين كان له وإذا لم يكن ثم بينه كان لمن حلف دون خصمه أو نكل خصمه عن اليمين فإن بينا أو حلفا أو نكلا قسم بينهما للدليل المتقدم قريبا.

[فصل

والقول لمنكر النسب وتلف المضمون وغيبته وأعواض المنافع والعتق والطلاق لا الإعيان إلا بعد التصادق على عقد يصح لغير عوض ويمينه على القطع ويحكم لكل من ثابتي اليد الحكمية بما يليق به حيث لا بينة والعكس في البينتين ثم بينهما ولمن في بيت غيره بما هو حامله مما مثله يحمله] .

قوله: "فصل: والقول لمنكر النسب".

أقوال: وجه ذلك أن الأصل عدم ثبوت النسب وعدم التلف وعدم الغيبة وعدم العوض في المنفعة وكذلك العوض في العتق والطلاق وأما الأعيان فلما كان الغالب فيها أنه لا يسمح بها من هو مالك لها إلا بعوض كان العمل على هذا الغالب هو المتوجه لأنه يثبت به الظاهر ومن كان معه الظاهر فالقول قوله وأما بعد التصادق على عقد يصح بغير عوض مال فوجهه أن هذا التصادق قد ارتفع به ما هو الظاهر فوجب الرجوع إلى الأصل وهو عدم العوض وأما كون يمين المنكر في هذه الأمور على القطع فلا وجه لذكره ها هنا لأنه سياتي بيان ما يكون فيه اليمين على القطع وما يكون فيه على العلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015