أقول: كون على المدعي البينة وعلى المنكر اليمين هو أمر معلوم ثابت في السنة ثبوتا لا شك فيه ولا شبهة فمن ذلك ما في الصحيحين البخاري "5/280"، مسلم "220/138"، وغيرهما أحمد "5/211"، أبو داود "3621"، الترمذي "2996"، ابن ماجة "2322"، من حديث الأشعث بن قيس قال كان بيني وبين رجل خصومة في بئر فاختصمنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "شاهداك أو يمينه"، ومن ذلك ما ثبت في صحيح مسلم "223/139"،وغيره أبو داود "3623"، أحمد "4/317"، في قصة الحضرمي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ألك بينة؟ "، قال لا قال: "فلك يمينه"، ومن ذلك ما ثبت في الصحيحين البخاري "8/213"، مسلم "2/1711"، وغيرهما أبو داود "3619"، الترمذي "1342"، النسائي "8/248"، من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين على المدعى عليه وفي لفظ المسلم "1/1711"، وغيره: "ولكن اليمين على المدعى عليه"، وفي الباب أحاديث.
وهذه الجملة: أعنى كون على المدعي البينة وعلى المنكر اليمين معلومة في هذه الشريعة وعليها تدور رحى الخصومات فالاشتغال بما وقع لبعض أهل الحديث من الكلام على بعض الطرق اشتغال بما عنه سعة وفي غيره مندوحة ولا يعرف خلاف في كون على المدعي البينة وعلى المنكر اليمين إلا ما يروى عن مالك أنها لا تتوجه اليمين إلا على من بينه وبين المدعي اختلاط لئلا يبتذل أهل السفه أهل الفضل بتحليفهم مرارا وهذا قول باطل ورأي عن الدليل مائل.
[فصل
والمدعي من معه أخفى الأمرين وقيل من يخلى سكوته كمدعي تأجيل دين أو فساد عقد والمدعى عليه عكسه والمدعى فيه هو الحق وقد يكون له محضا ومشوبا لآدمي إما إسقاط إو إثبات إما لعين قائمة أو في الذمة حقيقة كالدين أو حكما كما يثبت فيها بشرط.
وشروطها ثبوت يد المدعي عليه على الحق حقيقة أو حكما ولا يكفي إقراره إلا بجريها عليه بعارية أو نحوها وتعيين أعواض العقود بمثل ما عينها للعقد وكذا الغصب والهبة ونحوهما.
ويكفي في النقد المتفق ونحوه إطلاق الاسم ويزيد في باقي القيمي الوصف وفي تالفه التقويم وفي الملتبس مجموعهما ولو بالشرط.
ويحضر للبينة إن أمكن إلا للتحليف وما قبل كلية الجهالة كالنذر أو نوعها كالمهر