قدرنا أن مجرد اللمس أو المكالمة أو النظر يؤدي إلى شيء من ذلك لكان محرما كائنا ما كان فلا وجه لتخصيص هذا المقام بالكلام على التقبيل والعناق.
فإن قلت: إنما خصهما بالذكر لكون مظنة مقارنة الشهوة لا توجد في الغالب إلا فيهما.
قلت: بل وجودها في الرشف والضم والغمز لبعض مواضع الزينة أكثر من وجودها فيهما فلا وجه للتخصيص.
[فصل
ولا يدخل على المحرم إلا بإذن وندب للزوج والسيد ويمنع الصغير عن مجتمع الزوجين فجرا وظهرا وعشاءا] .
قوله: "فصل: ولا يدخل على المحرم إلا بإذن".
أقول: كان ينبغي للمصنف أن يعنون الفصل هذا بوجوب مطلق الاستئذان الذي شرعه الله عزوجل في كتابه لعباده واستثني منه ما استثني فهو حكم من أحكام الدين وشريعة من شرائع الإسلام وقد تناساه الناس حتى كأنه لم يكن في كتاب الله كما وقع ذلك في كثير مما شرعه الله لعباده وأما الدخول على المحارم فهو نوع من الأنواع التي أوجب الله فيها الاستئذان ولا وجه لتخصيصه بالذكر وأما الاستئذان الزوج على زوجته والسيد على أمته فليس لذلك وجه ولا جاء به شرع وأما ما ورد من أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يطرق أهله طروقا فسبب ذلك ما في آخر الحديث من تعليله بقوله صلى الله عليه وسلم: "لكي تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة"، وليست العلة في ذلك هي مشروعية الاستئذان كما لا يخفى.
وأما قوله: "ويمنع الصغير" إلخ فوجه قول الله عزوجل: {لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ} [النور: 58] ، إلى آخر الآية.