وأما قوله: "وما وقعت فيه ميتة إن أنتن بها" فوجهه أنه قد صار مستخبثا.
وأما قوله: "وما استوى طرفاه من البيض" فلعل وجه هذا الاستقراء ولا يستوي الطرفان إلا في بيض ما يحرم بيضه ولا فائدة لهذا التنصيص على هذا الجزئي بل ما كان حراما كان بيضه حراما وكذلك جميع أجزائه وجميع ما ينفصل عنه.
وأما قوله وما حوته الآية فظاهر.
وأما استثناء الميتتين والدمين فوجه ذلك ما ورد من قوله صلى الله عليه وسلم: "أحل لكم ميتتان ودمان"، كما تقدم وهو يخصص عموم: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3] .
قوله: "ومن البحري ما يحرم شبهه في البري".
أقول: هذه الكلية محتاجة إلى دليل فإن حيوانات البحر قد دخلت تحت قوله: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً} وما ورد في معناه واختصت بقوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} [المائدة: 96] ، وقوله صلى الله عليه وسلم: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته"، فلا وجه للقول بتحريم ما يشابه ما حرم من البري بل يقال الأصل حل كل حيوان بحري إلا ما أخرجه الدليل من هذا الأصل ومن عموم الأدلة أو كان مستخبثا لما تقدم.
[فصل
ولمن خشي التلف سد الرمق منها ويقدم الأخف فالأخف إلى بضعة منه وندب حبس الجلالة قبل الذبح وإلا وجب غسل المعاء كبيضة الميتة ويحرم شم المعضوب ونحوه كالقبس لا نوره ويكره التراب والطحال والضب والقنفذ والأرنب والوبر] .
قوله: "فصل: ولمن خشي التلف سد الرمق منها".
أقول: كان يحسن من المصنف أن يقتدي بعبارة القرآن الكريم في قوله: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ} [البقرة: 173] ، فمجرد حصول الضرورة إلى الأكل من الميتة مسوغ لأكلها وإن لم يخش التلف ويجوز له أن يأكل منها ما يكفيه ولا يلزمه الاقتصار على مجرد سد الرمق وحكم غير الميتة من المحرمات حكمها لأن تحريمها لا يزيد على تحريم الميتة ولهذا وقع الاستثناء في الكتاب العزيز بقوله: {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119] ، ولكنه ينبغي تقديم ميتة المأكول على غير المأكول لأن استخباث النفس لميتة المأكول دون استخباثها لميتة غير المأكول وهو معنى قول المصنف ويقدم الأخف فالأخف.
وأما قوله: "إلى بضعة منه" فلا شك أن في هذا إضرار بالنفس فإن كان دون ضرر الجوع فعل وذلك بأن يخشى إن بقي على الجوع أن ينتهي إلى الموت ولا يخشى مثل ذلك في أكل بضعة من نفسه.