وأجاب الجمهور بأنه هذه الأوامر مصروفة عن معناها الحقيقي وهو الوجوب لما ورد في الأحاديث أنه صلى الله عليه وسلم أمر بالتضحية ولم تؤمر بها أمته وأنها عليه فريضة ولهم تطوع ولم يصح من الأحاديث شيء وفي أسانيدها من هم في الضعف في أسفل مراتبه وهكذا لا القول بصرف أحاديث الأوامر عن معانيها الحقيقية أنه ضحى عن أمته وفي حديث آخر ضحى عن محمد وآل محمد لأن تضحيته صلى الله عليه وسلم قد قامت مقام التضحية منهم وذلك مزية خصه الله سبحانه بها ومما يؤيد الوجوب حديث مخنف ابن سليم عند أحمد وأبي داود وابن ماجه والترمذي وحسنه أنه صلى الله عليه وسلم قال بعرفات: "يا أيها الناس على أهل كل بيت أضحية في كل عام وعتيرة" ونسخ العتيرة لا يسلتزم نسخ الأضحية ومما يدل على الوجوب قوله عز وجل: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] ، إن كان المراد معنى النحر الحقيقي وهو نحر الأضحية لا إن
كان المراد وضع اليد على النحر كما ورد في رواية وبهذا ويعرف أن الحق ما قاله الأقلون من كونها واجبة ولكن هذا الوجوب مقيد بالسعة فمن لا سعة له لا أضحية عليه.
قوله: "بدنة عن عشرة وبقرة عن سبعة".
أقول: الأحاديث الصحيحة الثابتة في الصحيحين مسلم "350/1318"، وغيرهما أبو داود "2809"، الترمذي "1502"، ابن ماجة "3132"، أحمد "3/353، 363"، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن نشترك في الهدي في الإبل كل سبعة في بدنة ولكنه يمكن أن تحمل هذه الأدلة على الهدى وتخص الأضحية بما أخرجه أحمد "2484"، والنسائي "7/222"، والترمذي "1501"، وحسنه وابن ماجة "3131"، من حديث ابن عباس قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فحضر الأضحى فذبحنا البقرة عن سبعة والبعير عن عشرة ويشهد له ما في الصحيحين البخاري "2507"، مسلم "21/1968"، من حديث رافع بن خديج أنه صلى الله عليه وسلم قسم فعدل عشر من الغنم ببعير.
قوله: "وشاة عن ثلاثة".
أقول: قد ورد إجزاء الجذع من الضأن مطلقا ومقيدا فأما المطلق فكقوله صلى الله عليه وسلم: "نعم الأضحية الجذع من الضأن"، أخرجه أحمد "2/445"،والترمذي "1499"، من حديث أبي هريرة وكقوله صلى الله عليه وسلم: "خير الأضحية الكبش الأقرن"، أخرجه داود "3156"، وابن ماجة 1473"، والحاكم والبيهقي من حديث عبادة بن الصامت وأخرجه الترمذي "1517"، وأخرج ابن ماجة نحوه من حديث أبي أمامة وأخرج أبو داود وابن ماجة "3139"، من حديث أم بلال بنت هلال عن أبيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يجوز الجذع من الضأن ضحية"، وثبت في الصحيحين البخاري "10/4"، مسلم "16/1965"، وغيرهما الترمذي "1500"، النسائي "4392"، 4393"، من حديث عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بالتضحية بالجذع من الضأن وفي الباب أحاديث وأما المقيد فكحديث أبي أيوب الأنصاري أنه سأله عطاء بن يسار كيف كانت الضحايا فيكم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كان الرجل في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته الحديث أخرجه في الموطأ وابن ماجة "3147"، والترمذي "1505"، وصححه وكحديث