[فصل
واللقيط من دار الحرب عبد ومن دارنا حر أمانة هو وما في يده ينفق عليه بلا رجوع إن لم يكن له مال في الحال ويرد للواصف لا اللقطة فإن تعددوا واستووا ذكورا فابن لكل فرد ومجموعهم أب] .
قوله: "فصل: واللقيط من دار الحرب عبد" الخ.
أقول: لما ترجم الباب بقوله باب الضالة واللقطة واللقيط أراد بهذا الفصل استيفاء ما ترجم له ولا يخفى أن دار الحرب دار إباحة يملك كل فيها ما ثبتت يده عليه كما سيأتي في السير سواء كان الأخذ على جهة القسر أو الختل من غير فرق بين الأشخاص والأموال والرجال والنساء والأطفال وأما إذا كان من دار الإسلام أو دخلها بأمان فهو معصوم الدم والمال فلا وجه لقوله ومن دارنا حر أمانة هو وما في يده بل لا يجوز التقاطه إذا كان حافظا لنفسه ولماله لأن إثبات اليد عليه والحال هكذا مخالف لتأمينه وأما إذا دخل دارنا بغير أمان فهو وماله غنيمة لمن سبق إليه هكذا ينبغي أن يقال وبهذا تعرف أنه لا وجه لقوله ينفق عليه بلا رجوع إلخ لأنه إما غنيمة لمن سبق إليه أو لا يجوز التقاطه بحال كما بينا وإذا كان غنيمة وجب إنفاقه على القائم وإن كان مؤمنا لم يجب إنفاقه على أحد.
وأما قوله: "ويرد للواصف" فمبني على جواز الالتقاط وقد عرفت ما فيه وما كان ينبغي أن يذكر المصنف مثل هذا في اللقطة لورود الأدلة بذلك كما تقدم فتركه في المحل الخليق به وذكره هنا بلا فائدة نعم إن كان اللقيط الذي كلام المصنف فيه في هذا الفصل هو المسلم الملتقط من دار الحرب والمسلم الملتقط من دار الإسلام كان لكلامه وجه ولكنه لم يقيده بهذا ويرد للواصف إذا كان لا يهتدي إلى الإعراب عن نفسه والعجب من قول المصنف لا اللقطة يعني أنها لا ترد للواصف فإن هذا دفع في وجه الأدلة ورد لما قد صح بلا خلاف.
وأما قوله: "فإن تعددوا واستووا فإبن لكل فرد ومجموعهم أب" فقد تقدم الكلام عليه في كتاب الطلاب بما يغني عن الإعادة هنا وليس هذا المقام بمقام التعرض لكيفية ثبوت النسب وكان على المصنف أن يتعرض لذكر ضالة الإبل وأنها لا تلتقط لما تقدم من الأدلة ويتعرض لذكر ضالة الغنم ونحوها وأنها تلتقط لقوله: "هي لك أو لأخيك أو للذئب"، ويتعرض أيضا لذكر ضالة مكة لما ثبت في الصحيح من النهي عن لقطة الحاج وما ثبت من قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تحل لقطتها إلا لمعرف" [البخاري "2434"، مسلم "447/1355"] .