العلم ويجب التعريف بما لا يتسامح بمثله في مظان وجود المالك سنة ثم تصرف في فقير أو مصلحة بعد اليأس وإلا ضمن قيل وإن أيس بعده وبثمن ما خشي فساده إن ابتاع وإلا تصدق ويغرم المالك متى وجد لا الفقير إلا لشرط أو العين فإن ضلت فالتقطت انقطع حقه] .
قوله: "فصل وهي كالوديعة إلا في جواز الوضع في المربد".
أقول: هذا صحيح ووجهه أنه عاون على الخير وفعل ما أرشد إليه الشرع ولم يقصد الالتقاط لنفسه ومن كان هذا حاله فهو أمين أي أمين لا يضمن إلا لجناية أو تفريط وقد حكى المصنف في البحر الإجماع على هذا.
وما ذكره من أن له الوضع في المربد الذي كان يفعله الخلفاء لضوال المسلمين فذلك صحيح لأنه محسن وما على المحسنين من سبيل فإذا وجد مخرجا من معرة الإنفاق عليها والقيام عليها بما يحتاجه من وضعها في مثل هذا المكان الذي ينفق فيه على الضوال من بيت المال كان له ذلك وكذلك له الإيداع وله مطالبة غاصبها بالقيمة لأنها قد تثبت له ولاية وله أن يرجع على صاحبها بما أنفقه عليها لأنه بالإنفاق حفظ تلك العين من التلف بالجوع والعطش ونحوهما.
قوله: "ويجوز الحبس عمن لم يحكم به ببينته".
أقول: هذا مبني على أن صاحبها لم يصفها بالأوصاف الصحيحة الموافقة بل جاء بالبينة على أنها له فيجوز للملتقط أن يحبسها حتى يحكم الحاكم بذلك لأنه إذا دفعها إليه بدون ذلك كان معرضا لنفسه لضمانها ولا يجب عليه الدخول فيما يخشى من عاقبة التضمين لأنه محسن وما على المحسنين من سبيل وهذا من أعظم السبيل عليه أما إذا وصفها صاحبها بالأوصاف الصحيحة الموافقة فقد وجب دفعها إليه لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث زيد بن خالد في الصحيحين [البخاري "2429، 6112"، مسلم "5/1722"] ، وغيرهما أبو داود "1704"، الترمذي "1372"، ابن ماجة "2503"] : "اعرف وكاءها وعفاصها"، وفيه: "فإن جاء صاحبها يوما من الدهر فأدها إليه".
وفي رواية لمسلم من هذا الحديث: "فإذا جاء صاحبها فعرف عفاصها وعددها ووكاءها فأعطها إياه وإلا فهي لك"، وفي حديث أبي بن كعب عند مسلم "6/1723"، وغيره أحمد "5/126"، الترمذي "1374"، ابن ماجة "2506"، بلفظ: "فإن جاء أحد يخبرك بعددها ووعائها ووكائها فأعطها إياه وإلا فاستمتع بها".
فإن قلت: إذا كان يخش أن يكون هذا الواصف لها قد عرفها من مالكها وبلغه التقاطها أو أخبره مالكها بأوصافها فخشي من دفعها إليه أن يأتي مالكها فيضمنه إياه؟ قلت: يرفع أمره إلى الإمام أو الحاكم حتى يكون الوصف والرفع باطلاع أحدهما وليس عليه بعد ذلك ضمان لأنه فعل ما أمره به الشارع ولمالكها أن يرجع على ذلك المقرر الكاذب.
قوله: "ويجب التعريف بما لا يتسامح بمثله في مظان وجود المالك سنة".