وقد تابعه الأسود بن عامر شإذان عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه مثله والأسود ثقة من رجال الصحيحين.

ويؤيد هذا الحديث ما أخرجه الحاكم والبيهقي من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل ثم لبس ثيابه فلما أتى ذا الحليفة صلى ركعتين ثم قعد على بعيره فلما استوى على البيداء أحرم بالحج وفي إسناده يعقوب بن عطاء بن أبي رياح المكي وقد ضعفه أحمد وقال أبو حاتم ليس بالقوي وقال ابن معين ضعيف لكنه وثقة ابن حيان.

قوله: "ومكة"

أقول: وجهه ما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن ابن عمر أنه كان إذا دخل أدنى الحرم أمسك عن التلبية ثم يبيت بذي طوى ثم يصلي به الصبح ويغتسل ويحدث "أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك" [البخاري "1573"، مسلم "227/ 1259"] .

قال ابن المنذر الاغتسال عند دخول مكة مستحب عند جميع العلماء وليس في تركه عندهم فدية وقال أكثرهم يجزئ عنه الوضوء.

قوله: "والكعبة والمدينة وقبر النبي صلى الله عليه وسلم"

أقول: لا يخفاك أن الحكم بكون الشيء مندوبا هو حكم شرعي لا يستفاد من غير الشرع فإذا لم يكن في الشرع ما يفيد ذلك فهو من التقول على الله سبحانه بما لم يقل ومن التشريع للعباد بما لم يشرعه الله لهم ومن توسيع دائرة الشريعة المطهرة بمجرد الخيالات المختلة والآراء المعتلة وليت شعري ما الحامل على هذا وما المقتضى له فإن القول بذلك ليس من الخطأ في الاجتهاد فإن هذا إنما يكون عند تعارض الأدلة وتخالف القرائن المقبولة ثم مجرد دعأوى القياس على ما في إثبات الأحكام الشرعية بغالب مسالكه من عوج لا يتم إلا بوجود أصل وفرع بعد تسليم الأصالة والفرعية ثم أمر جامع بينهما جمعا لا يدخله دفع ولا نقض ولا معارضة وما كان بدون ذلك فلا يعجز أحد أن يدعيه ويقول به ولو كان مثل ذلك سائغا لقال من شاء بما شاء وكيف شاء.

ثم كان على المصنف أن يذكر من هذه التي ذكرها دخول بيت المقدس ودخول مسجد قباء ودخول قبور الأنبياء ودخول كل ما له شرف.

وسبحان الله ما يفعل التسأهل في إثبات الأحكام الشرعية من الفواقر التي يبكى لها تارة ويضحك لها أخرى.

قوله: "وبعد الحجامة والحمام".

أقول: أما بعد الحجامة فقد استدل لذلك بما أخرجه أحمد وابو دأود والدارقطني والبيهقي من حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يغتسل من أربع من الجمعة والجنابة والحجامة وغسل الميت" [أحمد "6/52"، أبو دأود "3160"، ولفظ أبي دأود "كان يغتسل" الخ وصححه ابن خزيمة وقال الدارقطني في إسناده مصعب بن شيبة وليس بالقوي ولا بالحافظ وقال النسائي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015