بالنسب فيما أثبته الشرع لها ونفاه عنها فما الدليل على أن الميراث من جملة ذلك وبهذا تعرف أن الاستدلال بهذا الحديث مصادرة عن المطلوب وهكذا الاستدلال بحديث: "مولى القوم منهم" فإنه منهم فيما أثبته له الشرع من الأحكام وأما ما روى أن رجلا مات ولو يترك وارثا إلا غلاما كان أعتقه فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ميراثه للغلام أخرجه أحمد وأبو داود وحسنه وابن ماجه من حديث ابن عباس وفي إسناده عوسجة مولى ابن عباس وفيه مقال فإن هذا ظاهر في أن الغلام هو الذي أعتق وعلى تقدير الاحتمال فلا حجة في المحتمل وعلى كل حال فللصرف في عتيق من لا وارث له مدخل في ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان هو وارث من لا وارث له له نوع أخصية بصرف ميراثه أو بعضه فيه.
وأما قوله: "ولو بعوض أو سراية" فظاهر وهكذا قوله: "أصلا على من أعتقه" الخ.
وأما قوله: "لا يباع ولا يوهب" فللحديث المتقدم وهو في الصحيح ووجه قوله ويلغو شرطه للبائع أن ذلك يستلزم رفع موجب البيع وقد ثبت أن الولاء لمن أعتق ولا يكون العتق إلا من مالك.
قوله: "ولا يعصب فيه ذكر أنثى".
أقول: ينبغي أن ينظر في دليل هذه الكلية فإنه إذا قد ثبت الأرث به كان له أحكامه ومن أحكامه أنه يعصب فيه الذكر الأنثى ولم يثبت في ذلك ما تقوم به الحجة وأما قول بعض الصحابة فلا يصلح للاحتجاج به ولا يخصص ما تقتضيه الأدلة الواردة على ما تقتضيه قواعد الميراث.
أما قوله: "ويورث به ولا يورث" فمعنى إثبات الإرث فيه ظاهر ومعنى كونه لا يورث أنه يستحقه الأعلى درجة كما لو خلف رجل ولدين وقد كان أعتق عبدا فمات أحد الولدين وخلف ولدا ثم مات العتيق فإن ميراثه لابن المعتق دون ابن ابنه الآخر وهذا لا مستند له إلا ما روى أحمد في المسند عن عمر وعثمان وعلي وزيد بن ثابت وابن مسعود أنهم قالوا الولاء للكبر ولكن الأولى الرجوع إلى ما ثبت مرفوعا فهو الحجة وهو ما أخرجه أحمد "1/241، 424"، وأبو داود "2917"، والنسائي "6348/6، 6349/4"، وابن ماجه "2732"، وصححه ابن المديني وابن عبد البر عن عمر بن الخطاب أنه تخاصم إليه جماعة في مثل هذا فقال أقضي بينكم بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعته يقول: "ما أحرز الوالد أو الولد فهو لعصبته من كان".
وأما قوله: "ويصح بين الملل المختلفة" فهو مبني على ما تقدم من صحة إيقاع العتق من الكافر وقد قدمنا ما فيه وأما كونه لا توارث بهذا الولاء حتى يتفقوا في الملة فظاهر للأحاديث المصرحة بأنه لا توارث بين أهل ملتين مختلفتين وهكذا يصح أن يكون كل واحد مولى للآخر كما لو أعتق الرجل عبدا لم لحق الرجل بدار الحرب فسباه عبده الذي هو عتيق له فأعتقه وهكذا يصح أن يشترك فيه الجماعة وذلك بأن يشترك في عبد جماعة فيعتقونه أو يسلم الكافر