حرا وإن عجز عنه عاد عبدا وقد وقع منه ما وقع في وقت ملكه للتصرف فلا يمنع من شيء من ذلك وإن انتهى الحال إلى دخول نقص على السيد بما فعله العبد من التبرعات فهو فعل ذلك بإذن سيده له بإيقاع به المكاتبة له ولا ينافي هذا حديث عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده عند أحمد "2/184"، وأبي داود "3927"، والترمذي "1260"، وابن ماجه "2519"، والحاكم وصححه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أيما عبد كوتب بمائة أوقية فأدها إلا عشر أوقيات فهو رقيق"، وفي لفظ لأبي داود "3926"، "المكاتب رقيق ما بقي عليه من مكاتبته درهم"، وقد أثبت المصنف أن للمكاتب ولاء من كاتبه أن عتق بعده وهذا يدل على جواز تصرفاته قبل الوفاء بمال الكتابة بمثل هذا.
قوله: "ويرده في الرق اختياره".
أقول: ليس ببعيد هذا بعد الدخول في الكتابة والتراضي عليها ولا وجه لقوله ولا وفاء عنده فإن الظاهر عد الجواز مطلقا لأنه تلاعب بما قد تحقق فيه المناط الشرعي وهو التراضي وأما عجزه فظاهر لحديث عمرو بن شعيب المتقدم ولكونه لم يحصل بعد العجز ما هو معنى الكتابة وأما كونه يطيب ما قد سلم فوجهه أن العبد لا يملك وأما من قال إنه يملك فلا يطيب للسيد.
وأما قوله: "ويصح بيعه إلى من يعتقه برضاه" فهو أيضا نقض من جهة السيد لما وقع التراضي عليه فلا يحل ولا ينافي هذا حديث بريرة وإعانة عائشة لها على تسليم ما كوتبت عليه أن ذلك هو تسليم لمال الكتابة من الغير لا بيع من المكاتب للمكاتب إلى الغير لكنه ثبت في رواية في الصحيحين [البخاري "5097، 5279"، مسلم "173/1075، 14/1504"] ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: "ابتاعي فأعتقي فإنما الولاء لمن أعتق"، فأفاد هذا جواز بيع المكاتب.
وأما قوله: "وإذا دخل المكاتب معه غيره لم يعتقا إلا جميعا" فوجهه ظاهر لأنه رضي لنفسه بذلك.
وأما قوله: "ولا يعتق ما اشتراه ممن يعتق عليه إلا بعتقه" فوجهه أنه لا يملكه ملكا مستقرا إلا بذلك.
قوله: "ومتى سلم قسطا صار له حكم الحرية" الخ.
أقول: استدل القائلون بهذا التبعيض لما أخرجه أحمد "1/260، 292، 263"، وأبو داود "4581"، والنسائي "4809"، والترمذي "3/560"، بإسناد رجاله ثقات من حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يؤدي المكاتب بحصه ما أدى دية الحر وما بقي دية العبد"، وبما أخرجه أحمد "1/94"، وأبو داود "4/707"، ومن حديث علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يؤدي المكاتب بقدر ما أدى"، وأخرجه البيهقي أيضا من طرق فقد أثبت الشارع للمكاتب التبعض في هذا الحكم فيلحق به غيره مما يمكن تبعضه ولا ينافي هذا ما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم: "المكاتب رقيق ما بقي عليه درهم"، وقوله: "أيما عبد كوتب بمائة أوقية فأداها إلا عشر أوقيات فهو رقيق"، فإن هذا إنما