هي قصد الثبوت على مال الغير بغير إذن الشرع وقد يكون قبل العلم بأنه بغير إذن الشرع وحينئذ فلا عدوان لفقدان النية التي تتأثر عنها الغصبية فإن قلت إذا صار ما هو مغصوب إلى يد من لا يعلم بغصبه بشراء أو نحوه ثم تبين له بعد ذلك أنه غصب ماذا يجب عليه قلت يجب عليه إرجاعه إلى مالكه فإن لم يفعل بعد العلم كان له حكم الغاصب لأنه حينئذ قد صار مستوليا على مال الغير عدوانا لارتفاع الشبهة التي كانت معه وحصول اليقين الماحي لها.
[فصل
فلا يضمن من غير المنقول إلا ما تلف تحت يده وإن أثم وسمي غاصبا ومن المنقول إلا ما انتقل بفعله ولا ينقل ذي اليد نقلا ظاهرا أو في حكمه بغير إذن الشرع م ما ثبتت يده عليه كذلك وما نقل لإباحة عرف أو خوف منه أو عليه أم من نحو طريق فأمانة غالبا غصب] .
قوله: "فصل: ولا يضمن من غير المنقول إلا ما تلف تحت يده" الخ.
أقول: الشارع قد سماه غاصبا في حديث: "من غصب شبرا من الأرض" وهو في الصحيحين وغيرهما من حديث جماعة وقد اعترف المصنف بأنه يسمى غاصبا وموجب هذا أن تثبت عليه أحكام الغصب فيضمن ما تلف بعد الغصب وإن لم يتلف تحت يده ولا وجه للفرق بين المنقول وغيره فالاستيلاء على الشيء عدوانا وإثبات اليد عليه بغير أمر الشرع موجب للضمان في الجميع وأما اشتراط النقل الذي ذكره المصنف فلم يرد دليل ولا يتوقف عليه مفهوم الغصب لا شرعا ولا لغة.
وأما قوله: "وما نقل لإباحة عرف" الخ فهذا ليس من الغصب في شيء لأنها قد جرت عادة الناس بذلك وهكذا جرت عاداتهم بنقل ما هو ملك للغير لأجل الخوف منه أو عليه وذلك معدود من الإحسان عندهم وهكذا نقل ما اعترض في طريق المسلمين فإن الشرع والعرف قاضيان بجواز ذلك وليس لذكر مثل هذا في كتاب الغصب كثير فائدة ولكنه لما اشترط النقل بمجرد الرأي احتاج إلى إخراج هذه الصور من النقل وأما ما ذكره من التعثر فإن كان فاعله مأذونا له بالدخول من طريق الشرع أو من طريق العرف فليس بغصب ولا يلزمه ضمانه وإن لم يكن مأذونا فهو بمجرد دخوله ملك للغير غاصب فيضمن ما تلف بتعثره.
[فصل
ويجب رد عينه ما لم تستهلك ويستفدي غير النقدين بما لا يجحف إلى يد المالك إلا