نفذ تصرفه ولا يقبل منازعته وقد تقدم أن القول له في مصلحة وبيع سريع الفساد إلى آخر كلام المصنف وقد ذكرنا هنالك ما ينبغي الرجوع إليه من هنا ولا مانع له من معاملة نفسه ولا من الصرف إليها لأن عدالته تقتضي أنه لا يفعل ذلك إلا لوجه مطابق وكذا له الصرف في واحد أو أكثر على حسب ما تقتضيه المصلحة وهكذا دفع الأرض إلى المستحق إلى آخر كلام المصنف فإن هذا كله تقتضيه الولاية التي قام بها العدل المستحق لما وليه وهكذا الإبراء منه عن الحق الواجب فإن له ذلك.
وأما قوله: "كالإمام يقف ويبريء من بيت المال" فلا يخفاك أن بيت المال هو بيت مال المسلمين وهم المستحقون له وليس له إلا تفريق ذلك بينهم ويأخذ لنفسه ما يستحقه من الأجرة فليس له أن يفعل فيه ما يحول بينه وبين المستحقين إلا أن يكون في ذلك مصلحة راجحة عائدة عليهم في الوقف والإبراء فهو الناظر في مصالح المسلمين.
قوله: "وتأجيره دون ثلاث سنين".
أقول: لا وجه لهذا التقدير بل إذا كانت المصلحة في استمرار التأجير وتطويل مدته كان ذلك هو الذي ينبغي فعله وإن اقتضى الحال تقليل مدة الإجارة لمصلحة عائدة على الوقف كان له ذلك وأما تعليل التقرير بهذه المدة بأنه يخشى على الوقف أن يدعي المستأجر له أنه ملكه فما أبعد هذا التجويز فإن الأوقاف تشتهر وتظهر حيث لا تلبيس بالأملاك بعد المدة الطويلة فإن كان هذا التجويز مما يحصل مثله لمن إليه الولاية فعل ما تقتضيه المصحلة وأما العمل بالظن فيما التبس مصرفه فذلك جائز للمتولي إذا لم يبق إلى اليقين سبيل وهكذا لا يبيع بثمن المثل مع وقوع الطلب بالزيادة لأن في الزيادة جلب مصلحة للوقف ما لم يعارضها مفسدة مقدمة عليها وهكذا ليس له أن يتبرع بالبذر حيث الغلة عن حق ولا وجه لتخصيص هذه الصورة بالتنصيص عليها جوازا أو منعا بل عليه أن يفعل ما فيه مصلحة خالصة غير معارضة بما هو أرجح منها كائنا ما كان يترك ما لا مصلحة فيه كائنا ما كان وأما كونه لا يضمن إلا بالتفريط فظاهر وهكذا يضمن ما جنى عليه ولا وجه لقوله أو كان أجيرا مشتركا وقد قدمنا الكلام على الأجير المشترك فليرجع إليه.
وأما قوله: "ويصرف غلة الوقف في إصلاحه" فوجه ذلك ظاهر لأن الرقبة مقدمة على كل شيء إذ بصلاحها تدم الفائدة العائدة على المصرف والواقف ثم ما فاض عن ذلك صرف في مصرفه الذي عينه الواقف وحكم الوقف على الوقف حكم الوقف.
وأما قوله: "ومن استعمله لا بإذن واليه فغاصب" فوجه ذلك أنه أقدم إلى استعمال ما لم يأذن له الشرع باستعماله فهو كما لو أقدم على استعمال ملك الغير وما لزمه بالغصب كان إلى والى الوقف يصرفه فيما فيه مصلحة وليس إلى هذا الغاصب صرف ولا غيره.