والجناية إن أتلف وفي نقصان بغير السعر يسيرا الأرش غالبا وكثيرا التخيير ويساقط الدين إلا لمانع وعلى مستعمله منهما إلا بإذن الآخر الأجرة وتصير رهنا ولا تصرف للمالك فيه بوجه إلا بإذن المرتهن فإن فعل نقض كالنكاح إلا العتق والاستيلاد على الخلاف]
قوله: "فصل: وهو كالوديعة".
أقول: يرد أنه كالوديعة في أمر خاص وهي عدم جواز انتفاع المرتهن به وتصرفه فيه لا في جواز حبسه له حتى يستوفي دينه فإن ذلك هو موضع الرهن.
وأما قوله: "وفي أنه في العقد الصحيح" فمبني على أنه لا بد من العقد وقد عرفناك أنه لا وجه لذلك.
وأما قوله: "ولو مستأجرا أو مستعارا لذلك" فظاهر أنه لا فرق بين كون الرهن ملكا للراهن أو أنه استأجره أو استعاره ليرهنه فإن الكلام واحد في ضمان المرتهن عند من قال بضمانه وإن اختلف الحال فيما بين الراهن ومن استأجر منه الرهن أو استعاره منه.
وأما قوله: "مضمون كله ضمان الرهن إن تلف بأوفر قيمة من القبض إلى التلف" فمن ساقط التفريع وزائف الرأي وخبط الاجتهاد يا لله العجب كيف يكون هذا الضمان المشدد المؤكد الذي جاوز حد كل ضمان في الأبواب التي قد حصل فيها سبب من أسباب الضمان الشرعية كالغصب فلو أن رجلا ارتهن عينا وتوثق ببقائها لديه حتى يستوفي دينه ثم تلف بغير جناية ولا تفريط بأمر سماوي فهل يسوغ هذا شرع أو يقبله عقل أو يستحسنه رأي وقد عرفناك أن أموال العباد معصومة بعصمة الإسلام لا يحل لمسلم أن يحلها لغيره أو يستحلها بغير شرع واضح وإلا كان من أكل أموال الناس بالباطل أو تأكيلها وإذا عرفت هذا فلا ضمان على المرتهن إلا لجناية أو تفريط لأنه قد تسبب بذلك إلى تلفها ولا يضمن غير ذلك كائنا ما كان لأنه أخذها بإذن مالكها في حق أثبته له الشرع وهو التوفق ببقائها لديه في دينه الذي انتفع به مالكها.
وأما قوله: "وعلى مستعمله منهما" الخ فقد عرفت ما تقدم في فوائد الرهن والركوب استعمال للرهن وقد تقدم النص عليه في الحديث وأما استعماله على وجه ينقص به كلبس الثوب فلا يجوز ذلك للمرتهن فإن فعل لزمه أرش النقض فيما نقص بالاستعمال وأما الراهن فلا يجوز له ذلك لأن الرهن في حبس المرتهن فإن فعل فلا شيء عليه لأنه استعمل ملكه وأما كونه لا ينفذ للمالك فيه تصرف فظاهر لأن تصرفه فيه ببيع أو نحوه يخالف موجب الرهن فإن أذن المرتهن فقد رضي لنفسه بترك حقه المتعلق بالرهن من الحبس له حتى يستوفي دينه فإن فعل كان للمرتهن نقضه وأما استثناء العتق والاستيلاد فالظاهر أنهما لا ينفذان في الحال لأن حق المرتهن سابق لهما فإن انتهى الحال إلى رجوع الرهن للراهن نفذ وإلا فلا يثبت للعبد أو الأمة حكم الحرية ولا تصير أم الولد أم ولد بذلك.