الجنس الواحد لكل واحد أن يطلب نصيبه منه إلا إذا كان ذلك يوجب ضررا فإنه يقسم بعضه في بعض كما قال المصنف للضرورة أو الصلاح.
والحاصل أن دفع ما فيه مفسدة على الشركاء أو بعضهم وجلب ما فيه مصلحة لهم متعين على متولي القسمة بينهم ومن طلب منهم ما فيه مفسدة أو ذهاب مصلحة كان حقيقا بالعقوبة حتى يرجع عن ذلك.
وأما قوله: "وإن اختلف الأنصباء أخرج الاسم على الجزء" فهذا وجه ما فيه رعاية المصلحة لهم ودفع المفسدة عنهم أو عن بعضهم وإذا أمكن ما هو أصلح من هذا فعله.
قوله: "ولا يدخل حق لم يذكر" الخ.
أقول: القسمة هي إيصال كل شريك بنصيبه من الملك وما يتبعه فلا وجه لقوله ولا يدخل حق لم يذكر بل كل حق يتبع ما هو متعلق به وإلا كان ذلك مقتضيا لخلل القسمة لأنه لم يحصل الإيصال التام والانفصال الحاسم للخصام فيتبع كل أرض طرقها وسواقيها وصباباتها وشربها ويتبع كل دار طرقها ونحوها فإن كان بعض الحقوق تؤدي قسمته إلى الضرار لم تجز قسمته وبقي مشتركا بينهم وينتفع كل واحد منهم به بقدر نصيبه لكن من هذه الحيثية لا من الحيثية التي ذكرها المصنف وهي أنه لا يدخل حق لم يذكر وأما البذر والدفين فإن كان مشتركا بين المقتسمين فلا وجه لبقائه بل يقسم بينهم على قدر الأنصباء إن كانا لواحد منهم أو لغيرهم فليسا مما نحن بصدده وتكون قسمة البذر يتعين نصيب مما يخرج منه لكل واحد منهم بقدر نصيبه وأما الدفين فيستخرج ويقسم كائنا ما كان.
قوله: "ولا يقسم الفرع دون الأصل" الخ.
أقول: لما في ذلك من الضرار والقسمة إنما شرعت لدفعه وهكذا قسمة النابت دون المنبت وهكذا العكس في الأمرين لأن ذلك كله موجب للخصومة المفضية إلى الضرار بالبعض أو الكل وشرط القطع وإن خفف شيئا من هذه المفسدة لكن لا ينبغي جعله مسوغا وهكذا الأرض دون الزرع لاستلزامه لذلك في الغالب ولكون القسمة غير تامة لعدم استيفاء ما يحتاج إلى استيفائه.
وأما قوله: "وعلى رب الشجرة أن يرفع أغصانها عن أرض الغير" فوجهه ظاهر لأنها إذا خرجت الأرض في نصيب أحد الشركاء وخرجت الأرض المجاورة لها التي فيها الشجرة في ملك الآخر كان في إظلالها لأرض صاحب الأرض ضرر عظيم عليه فإن ذلك يؤدي إلى أنها لا تزرع ولا تصلح لغرس الشجر وهكذا غير الشركاء المقتسمين فإنه يجب على رب الشجرة أن يرفع أغصانها عن ملك غيره لما قدمنا من حصول الضرر بذلك ولا يجوز إقرار ما استرسل من الشجر على هواء أرض الغير إلا إذا وقع التراضي والتسامح فإن ادعى رب الشجر أن الهواء حق له فهو يدعي خلاف الظاهر فعليه البينة وأما كون البينة على مدعي الغبن والغلط والضرر فظاهر لأن كل واحد منهم يدعي خلاف الظاهر وأما كونها لا يسمع للدعوى من حاضر في الغبن