باب المضاربة

[فصل

شروطها الإيجاب بلفظها أو ما في حكمه والقبول أو الامتثال على التراخي ما لم يرد بين جائزي التصرف على مال من أيهما إلا من مسلم لكافر معلوم نقد يتعامل به حاضر أوفى حكمه وتفصيل كيفية الربح ورفض كل شرط يخالف موجبها] .

قوله: "باب المضاربة"

أقول: لا شك في وقوع التعامل بها في زمن الصحابة رضي الله عنهم وقد فعلها جماعة من أكابرهم وحكى صاحب - النهاية المجتهد أنه لا خلاف بين المسلمين في جواز القراض وأنه مما كان في الجاهلية وأقره الإسلام انتهى وقال أبن حجر في - التخليص إنه إجماع صحيح قال والذي يقطع أنه كان في عصره صلى الله عليه وسلم فعلم به وأقره ولولا ذلك لما جاز.

قوله: "فصل: وشروطها الإيجاب بلفظها أو ما في حكمه".

أقول: لا يشترط فيها إلا مجرد التراضي فقد على التعامل وقدر الربح فإذا وقع ذلك فهذه المضاربة داخلة تحت قوله تعالى: {تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ} [النساء: 29] ، وقد عرفناك في كتاب البيع وما فيه من الأبواب وما بعده أن هذا الاشتراط للألفاظ ليس عليه أثارة من علم وأما كونها بين جائزي التصرف فلا بد من ذلك لأن من لا جوز تصرفه لا حكم لصدور الرضا منه.

وأما قوله: "على مال من أيهما" فمستغنى عنه لأن مفهوم المضاربة ومعناها لا يوجد إلا بذلك وأما كون المال معلوما فذلك لا بد منه وإلا كانت جهالته ذريعة إلى اختلاط رأس المال بالربح فيكون معاملة مختلة وإذا كانت المضاربة في عروض فلا بد أن يتميز ما هو قيمة لها حتى يعلما أن الزائد عليه ربح ولا وجه لاشتراط كون رأس مالها مما يتعامل به الناس فإنها تصح في كل شيء يقع فيه البيع والشراء لأنها بيع منظور فيه إلى الربح مع بقاء رأس المال ولا يشترط حضور المال إذا كان معلوما عندهما وأما تفصيل كيفية الربح فأمر لا بد منه لأن ذلك هو الغرض من هذه المعاملة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015