حتى تبلغ إلى حد معلوم صح أن يكون ذلك بأجرة معلومة من غير الأرض أو بجزء من الأرض أو من الشجر وأما جعل الأجرة من الثمر فلا بد أن يكون قد بلغ إلى حد الصلاح لأن علة النهي المتقدمة في البيع حاصلة هنا وأما اشتراط ذكر الإصلاح والحفر فلا حاجة إليه لأن نبات الشجر لا بد أن يكون بحفر وسقي وإصلاح فهو من لازم إطلاق المغارسة ويغني عن ذلك ما قدمنا من ذكر بلوغ الشجر المغروسة إلى حد معلوم فإن لم يذكر هذا لم يكن للغارس إلا ما غرمه في الغرس والإصلاح لأن استحقاق الأجرة المسماة لا يكون إلا على عمل معلوم لا مجهول.
وأما قوله: "إلا ما خصه الإجماع" فهو استثناء من قوله: يملكها أي إلا ما أجمع عليه الناس من عدم اشتراط كون رب الأرض يملك تلك الأعيان ومراده بالإجماع إجماع أهل تلك الناحية التي وقعت فيها المغارسة لا الإجماع الأكبر.
وأما قوله: "وما وضع بتعد" الخ فوجهه ظاهر لأن الغاصب هو الواضع فيده هي اليد العدوانية ولا فعل من مالك المتاع يوجب ضمانه وسواء تنوسخ أو بقي في ملك مالكه الأول.
وأما قوله: "وإذا انفسخت الفاسدة" الخ فهذا مبني على أنه حدث ما يمنع المضي في المغارسة أو اختار الترك وإلا فلا فساد ولا انفساخ بغير أحد الأمرين المذكورين.
[فصل
والمساقاة الصحيحة أن يستأجر لإصلاح الغرس كما مر والقول لرب الأرض في القدر المؤجر ونفي الإذن ولذي اليد عليها في البذر] .
قوله: "فصل: والمساقاة الصحيحة" الخ.
أقول: إذا كان الغارس مالك الأرض ثم أستأجر من يصلح له ذلك الغرس بالسقي إلى أن يبلغ حدا معلوما فهذه الإجارة يسميها أهل الفروع مساقاة.
وأما قوله: "والقول لرب الأرض في القدر" فلا وجه له بل القول قول نافي الزيادة والبينة على مدعيها وأما في بقاء الإذن فالقول قول المالك لأن الأصل بقاؤه وأما إذا أدعاه الأجير فلا يكون القول قوله لأن المالك ينكره في الحال وهو صاحب الإذن وأما إذا ادعاه الأجير في وقت قد مضى فالقول قوله لأن الأصل عدم ارتفاعه قبل الاختلاف.
وأما قوله: "ولذي اليد عليها في البذر" فوجهه أن ثبوت اليد يكون الظاهر مع صاحبه لأن بذرها نوع من من تصرفاته إلى تصرف فيها عند ذلك الثبوت.