جاره ينتظر بها وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا". أخرجه أحمد "3/303"، وأبو دأود "3518"،وابن ماجه "2494"،والترمذي "1369"،وحسنه ومع الاشتراك في الطريق فالشركة باقية وعدم القسمة كائن ولم تصرف الطرق.
فعرفت بمجموع ما ذكرناه أن مجرد الجوار بعد القسمة وتصريف الطرق لا تثبت به الشفعة.
فالحاصل أنه لا سبب للشفعة إلا الخلطة وهي أعم من أن تكون في أرض أو دار أو طريق أو في ساقية للشرب أو في شيء من المنقولات.
وأما قوله: "وإن ملكت بفاسد أو فسخ بحكم" فقد قدمنا أنه إذا وجد ما يبطل عقد البيع بطل ما يترتب عليه وأما إذا كان قد حصل التراضي فهو المقتضى فإذا انضم إليه عدم المانع وهو أن لا يكون البيع من البيوع المنهي عنها فلا يضره ما يدعي أنه مفسد ولا يضره عروض التفاسخ الذي لم يكن السبب موجبا لإبطال البيع من أصله.
قوله: "إلا لكافر على مسلم" الخ.
أقول: الكافر المعصوم الدم بالذمة الإسلامية إذا طلب شفعة له من مسلم ورافعه إلي الشريعة الإسلامية وجب علينا الحكم له كما تدل على ذلك الآيات القرآنيه ولم يثبت في السنة ما يدل على إخراج أهل الذمة من هذا الحكم الذى شرعه الله لعباده وقد جازت المعاملة لهم للبيع ونحوه وإذا كان الذمي الطالب للشفعة في جزيرة العرب فلا شك أنا مأمورون بإخراجه وإخراج أمثاله منها لكن إذا لم نفعل وقررناهم فيها كان ذلك موجها للحكم بالشريعة الإسلامية ما داموا فيها كما يجوز البيع منهم لاتحاد البيع والشفعة في كونهما موجبين لانتقال الملك مع تحريم المضارة لهم بوجه من وجوه الضرر فلهم ما للمسلمين فيما توجبه الشريعة من دفع المفاسد وجلب المصالح إلا ما خصه دليل ولا يصلح لمثل هذا الاستدلال بقوله: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} [النساء: 141] ، وقوله صلى الله عليه وسلم: "الإسلام يعلو"، فإنه ها هنا لم يكن له سبيل على المؤمنين بشريعته ولا من جهة نفسه بل بشريعة الإسلام ولم يعل لدفع الضرر عن نفسه بها وأما ثبوت التشافع في ذات بينهم فالأمر أظهر.
قوله: "ولا ترتيب في الطلب".
أقول: إذا ترك الطلب من له حق في الشفعة وقت العلم بالبيع لظنه أن غيره أولى بها منه كان ذلك عذرا له كما سيأتي هذا على تقدير أن الطلب على الفور وأن التراخي مبطل.
وأما قوله: "ولا فصل بتعدد السبب" فصحيح لأن المراد وجود ما تستحق به الشفعة والواحد والكثير مستويان في هذا وهكذا الاعتبار بكثرته.
وأما قوله: "بل بخصوصه" فقد عرفناك أن السبب ليس إلا الخلطة وهي شيء واحد فلا يتم الخصوص إلا على الفور بتعدد أسباب الشفعة كما تقدم للمصنف ومعنى قوله ويجب البيع أنه يصير من له الشفعة مستحقا للمطالبة بها وأما كونها تستحق بالطلب فمعناه أن الشفيع إذا طلب فذلك هو السبب في الاستحقاق فإن رضي المشتري صار المشفوع فيه ملكا له بمجرد