كما ينتفع المستأجر بالمنافع المتعلقة بالعين فلا يكون المستأجر بالرد إلي موضع الابتداء أولى من المؤجر وأما المستعير فوجهه أن المعير محسن كما تقدم في القرض وأما الحق المؤجل والمعجل فوجهه أن من هو عليه لا يخلص ذمته عما هو عليه إلا برده إلي يد من هو له ومثل ذلك الكفالة بالوجه هذا غاية ما يمكن في توجيه كلام المصنف وكان الأولى له أن يعقد الفصل على وجوب الرد إلي المالك من غير نظر إلي موضع الابتداء فيقول مثلا يجب الرد إلي المالك في القرض الخ حتى يكون ذلك عملا بحديث: "على اليد ما أخذت حتى تؤديه"، أخرجه أحمد وأبو دأود والترمذي وابن ماجه والحاكم وصححه من حديث الحسن عن سمرة وفي سماع الحسن من سمرة فقال معروف فإن هذا الحديث يدل على وجوب التأدية لكل ما أخذته اليد ولا تأدية إلا إذا كانت إلي المأخوذ منه ومثل هذا الحديث الذي تقدم بلفظ: "أد الأمانة إلي من ائتمنك"، فإن التأدية في الأمانات لا يكون إلا بدفعها إلي مالكها وبهذا تعرف أنه لا وجه لقول المصنف لا المعيب والوديع الخ وأما كون يجب قبض كل معجل فوجهه أن لمن هو عليه أن يبريء ذمته بالرد فليس لمن هو له أن يمتنع من ذلك مع عدم المانع من خوف ضرر أو غرامة.
قوله: "ويصح شرط حط البعض".
أقول: إذا حصل التراضي على هذا فليس في ذلك مانع من شرع ولا عقل لأن صاحب الدين قد رضي ببعض ماله وطابت نفسه عن باقيه وهو يجوز أن تطيب نفسه عن جميع ذلك المال وتبرأ ذمته من هو عليه فالبعض بالأولى وقد ثبت في الصحيح [البخاري "471، 457، 2418، 2424، 2710" مسلم "1558"، أبو داود "3595"، ابن ماجة "2429"، النسائي "8/244"] ، أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلين يتخاصمان في المسجد وقد ارتفعت أصواتهما وكانت تلك الخصومة في دين لأحدهما على الآخر فأشرف عليهما النبي صلى الله عليه وسلم وأشار بيده إلي من له الدين أن يضع الشطر فكان هذا دليلا على جواز التعجيل بشرط حط البعض.
[فصل
ويتضيق رد الغصب ونحوه قبل المراضاة والدين بالطلب فيستحل من مطل وفي حق الله الخلاف ويصح في الدين قبل القبض كل تصرف إلا رهنه ووقفه وجعله زكاة أو رأس مال سلم أو مضاربة وتمليكه غير الضامن بغير وصية أو نذر أو إقرار أو حوالة] .
قوله: "فصل: ويتضيق رد الغصب ونحوه قبل المراضاة".
أقول: وجه ذلك أنه مطالب بالرد في كل وقت فإذا لم يحصل الرضا فوجوب الرد ثابت متضيق عليه.