البيع فلا يجوز إلا فيما يجوز فيه فنقول ما بالهم منعوه فيما هو جائز البيع بلا خلاف وشرطوا أن يكون مثليا جمادا يمكن وزنه ثم ما بالهم منعوه فيما جوزه الشرع وثبتت به السنة الصحيحة الصالحة لتخصيص كل عموم للبيع كما في صحيح مسلم "118/1600"، وغيره "أبو داود "3346"، الترمذي "1318"، النسائي "4617"، ابن ماجة "2285"، أحمد "6/390"، من حديث رافع بن خديج قال استسلف النبي صلى الله عليه وسلم بكرا فجاءت إبل الصدقة فأمرني أن أقضي الرجل بكره فقلت إني لم أجد في الإبل إلا جملا خيارا رباعيا قال: "أعطه إياه فإن من خير الناس أحسنهم قضاء"، وهو في الصحيحين [البخاري "4/482"، مسلم "1601"، وغيرهما الترمذي "1316، 1317"، النسائي "4618"، من حديث أبي هريرة قال: كان لرجل على النبي صلى الله عليه وسلم سن من الإبل فجاء يتقاضاه فقال: "أعطوه"، فطلبوا سنه فلم يجدوا إلا سنا فوقها فقال: "أعطوه"، فقال أوفيتني أوفى الله بك فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن خيركم أحسنكم قضاء"، فقد دلت السنة الصحيحة على جواز قرض الحيوان مع كونه مما يعظم فيه التفأوت فدل ذلك على أنه لا وجه لجعل عظم التفأوت مانعا هذا تبرع بالدليل وإن كان الدليل على من ادعى تخصيص ما دل على عموم المشروعية كما قدمنا وجواز القرض في الحيوانات هو مذهب الجمهور.
وأما قوله: "غير مشروط بما يقتضي الربا" فلا ينافي ما قدمنا عنه صلى الله عليه وسلم من أنه قضى من أقرضه سنا فوق سنة وأحسن منها لأن ذلك وقع لا على طريق الشرط بل على طريق التفضل والإحسان وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث جابر قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وكان لي عليه دين فقضاني وزادني فإن قلت قد ورد ما يدل على أن المقرض لا يقبل من المستقرض هدية أو نحوها كما أخرجه ابن ماجه من حديث أنس أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أقرض أحدكم قرضا فأهدى إليه أو حمله على الدابة فلا يركبها ولا يقبله إلا أن يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك"، قلت في إسناده يحيى بن أبي إسحق الهنائي وهو مجهول وفي إسناده أيضا عتبة بن حميد الضبي وهو ضعيف وقد حققنا البحث في شرح المنتقي فليرجع إليه.
[فصل
وإنما يملك بالقبض فيجب رد مثله قدرا وجنسا وصفة إلي موضع القرض ولا يصح الإنظار فيه وفي كل دين لم يلزم بعقد وفاسده كفاسد البيع غالبا ومقبض السفتجة أمين فيما قبضا ضمين فيما استهلك وكلاهما جائز إلا بالشرط] .
قوله: "فصل: وإنما يملكه بالقبض".
أقول: يملكه بقبضه ملكا مستقرا ويملكه أيضا قبل قبضه إذا وقع التراضي على ذلك فإن