رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تصدقوا" قال رجل: عندي دينار, قال: "تصدق به على نفسك"، قال: عندي دينار آخر قال: "تصدق به على زوجتك" قال عندي دينار آخر قال: "تصدق به على ولدك" قال: عندي دينار آخر قال: "تصدق به على خادمك"، قال: عندي دينار آخر قال: "أنت أبصر به"، وأخرجه أيضا أبو دأود لكنه قدم الولد على الزوجة.

والاحاديث في هذا الباب كثيرة جدا وحديث إذنه صلى الله عليه وسلم لهند ان تأخذ ما يكفيها وولدها بالمعروف يدل على وجوب نفقة الأولاد على أبيهم لكن لا مطلقا إذا لم يكن لهم مال أما إذا كان لهم مال فلا وجه لوجوب النفقة من مال غيرهم وقد دل على ذلك ما جاء في القرآن الكريم من تفصيل الكلام في أموال اليتامى وإنفاقهم منها وجواز ان يأكل المنفق لهم من مالهم بالمعروف.

وأما قوله: "ولو كافرا" فذلك إذا رافعه الابن إلي الشريعة الإسلامية قضينا عليه بما فيها.

وأما قوله: "أو معسرا له كسب" فلا بد ان يفضل من كسبه فضله تكون مالا حتى ينفق منها ولده وأما إذا كان لا يحصل له من الكسب إلا ما يكفيه فقط فليس عليه إنفاق أولاده بل ينفق ذلك على نفسه كما تقدم في الاحاديث ورزق أولاده على خالقهم.

وقد عرفت مما سبق أنه لا وجه لقوله: "ثم في ماله" وان إنفاقه من ماله مقدم على إنفاقه من مال أبيه.

وأما قوله: "ثم على الام قرضا للأب" فإذا كانت غنية فعليها النفقة لأولادها لأن الخطاب في الاحاديث السابقة إن كان للرجال فللنساء حكمهم كسائر الخطابات التي في الكتاب والسنة بصيغة خاصة بالذكور فإن النساء شقائق الرجال ولا يخرجهن من ذلك إلا دليل يخصصهن من الواجبات على الرجال فلا وجه لقوله قرضا للأب.

قوله: "والعاقل المعسر على ابويه حسب الارث"،

أقول: لما قدمنا من الأدلة ولا سيما إذا كان قوله صلى الله عليه وسلم لهند: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف"، شاملا للكبار فإن من جملتهم إذا ذاك معاوية وقد كان كبيرا لأنه اسلم عام الفتح وكان عمره عند إسلامه ثماني وعشرين سنة فقد كان عند الهجرة في ثماني عشرة سنة.

والحاصل ان هذه النفقات التي هي مما يصدق عليه أنه صلة للارحام إذا لم يوجد دليل ناهض ينتهض على وجوبها فهي من افضل القرب واعظم الطاعات المقربة إلي الله عز وجل كما قدمنا.

وأما قوله: "إلا ذا ولد موسر فعليه" فوجه ذلك ان وجوب الاحسان من الأولاد لابائهم آكد من وجوب الاحسان من الاباء لابنائهم كما قال الله سبحانه: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} [البقرة: 83، النساء: 36، الأنعام: 151، الإسراء: 23] ، وكما ورد في الحديث: "أنت ومالك لأبيك"، وهو حديث حسن أخرجه أحمد وابو دأود وابن خزيمة وابن الجارود ومثله حديث: "إن أطيب ما أكل الرجل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015