وتضمن من مات لتفريطها عالمة غالبا وإلا فعلى العاقلة ولها نقله إلي مقرها غالبا والقول لها فيما عليه] .
قوله: "وللأم الامتناع إن قبل غيرها".
أقول: الحق لها كما تقدم ولها تركه متى شاءت وعليها حق للطفل فلا يجوز لها ان تتركه في حال يتضرر بتركه فيها ومن جملتها عدم قبول الصبي لغيرها.
وأما الأجرة فقد صوغها لها القرآن الكريم قال الله عز وجل: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6] .
وأما استثناء ايام اللبإ فلا وجه له لأن الله سبحانه اطلق استحقاق الأجرة ولم يقيده بما يخرج هذ الايام وتعليلهم ذلك بأن الصبي لا يعيش بدونها باطل فكم من صبي تموت امه في النفاس ولم يرضع منها ويعيش بلبن غيرها من النساء بل ولبن غيرهن وكم من امرأة تضع ولا لبن لها ولا يرى فيها اللبن الا بعد أيام فيرضع الصبي في هذه ايام اللبإ من لبن غيرها وهذا معلوم يعرفه كل احد.
قوله: "وللأب نقله إلي مثلها تربية بدون طلب".
أقول: الله سبحانه قد أمر الازواج بان بعطوهن اجورهن فقال: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ} [الطلاق: 6] ، وأوجب ذلك على الزوج بالامر القرأني وأكد ذلك بقوله: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233] ، ولفظ على ظاهر في الوجوب فان كانت الام راضية بالأجرة المتعارفة المتوسطة في عرف الناس فليس له نقل الرضيع إلي غيرها وإن تبرع الغير بإرضاعه بدون أجرة فضلا عن ان يرضى بدون ما رضيت الام وقد اخبرنا صلى الله عليه وسلم بأن الامهات احق بأولادهن وأوجب لهن الأجرة فنزعهم عنهن مخالف للقرآن والسنة وظلم بين فإن طلبت فوق الأجرة المتعارفة وكان الزوج يتعاسر ذلك فلا بأس بأن ينقله منها لقول الله عز وجل: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: 6] .
وبهذا تجتمع الأدلة وتجرى على نمط واحدة ويوافق بعضها بعضا ومما يومئ إلي هذا الجمع الذي ذكرناه قوله عز وجل: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233] , فإن تقييد ذلك بالمعروف مشعر بأنه الذي على الزوج لها فليس عليه ان يزيد عليه ولا عليها ان ترضع بدونه ويوميء إلي ذلك أيضا لفظ التعاسر المذكور في الاية.
وأما قوله: "وليس للزوج المنع من الحضانة" الخ فمبني على أنه لم يوجد غيرها فإن وجد من يرضعه لم يتعين الوجوب عليها وجاز للزوج منعها من ذلك لوجوب طاعتها له في غير معصية الله.
وأما قوله: "وعلى الحاضنة القيام بما يصلحه" فمعلوم لا يحتاج إلي النص عليه لأن ذلك هو معنى الحضانة وأما الاعيان التي يحتاج اليها الرضيع فذلك على أبيه وقد أوجب الله عليه أجرتها فضلا عما يحتاج اليه ولده.