عدة الرجعى فإن عدمن فالاقرب الاقرب من العصبة المحارم ثم من ذوي الرحم المحارم ثم بالذكر عصبته غير محرم ثم من ذوي رحم كذلك] .
قوله: باب: "الحضانة الام الحرة أولى بولدها".
أقول: قال الله عز وجل: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ} [البقرة: 232] فجعل الرضاع اليهن واثبت الحق لهن لا ينزع ذلك عنهن نازع الا مع التعاسر كما في قوله عز وجل: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: 2] .
ويؤيد ثبوت الحق لهن وتقديمهن على غيرهن قوله صلى الله عليه وسلم: "أنت أحق به ما لم تنكحي"، وهو حديث حسن لا مطعن في إسناده ويؤيده حديث: "لا توله والدة بولدها" وستأتي الاحاديث الدالة على المنع من التفريق ولا يزال الحق ثابتا للأم حتى يبلغ الصبي إلي سن الاستقلال فإذا بلغ ذلك ووقع النزاع بين الام والاب كان العمل على حديث تخيير الصبي الذي أخرجه أحمد وابو دأود والترمذي وحسنه وابن ماجه وابن حبان من حديث أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال للغلام: "هذا أبوك وهذه أمك فاتبع أيهما شئت"، فتبع أمه فالجمع بين الحديثين ظاهر مكشوف ولا ينافي ذلك كون الاب اعرف بمصالح المعاش وادرى بما فيه المنفعة للصبي في حاله وماله فإن النظر منه في ذلك ممكن مع كون الصبي عند امه وفي حضانتها ولا وجه لرد الاحاديث بمجرد هذا الخيال ثم لا فرق بين الحرة والامة لعموم الأدلة ولاستوائهما في الحنو على الصبي ورعاية ما يصلحه ودفع ما يضره فإن لم يقع الاختيار من الصبي أو تردد في الاختيار وجب الرجوع إلي الاقراع بينهما لثبوت ذلك في حديث أبي هريرة عند أبي شيبة بلفظ: "استهما فيه" وصححه ابن القطان.
قوله: "ثم امهاتها وإن علون".
أقول: ليس على هذا دليل الا مجرد القياس على الامهات وغيره من طرق النص الذي لا يجوز معه التعلق بالاقيسة وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "الخالة أم"، [البخاري "2699"] ، قال ذلك عند وقوع التخاصم في الحضانة فإذا عدمت الأم أو بطل حقها فالخلالة أقدم من الجدات وهي مع الأب كالام معه يثت بينهما التخيير للصبي والاستهام عليه ولم يأت من خالف هذا بشيء يعول عليه أو يصلح للرجوع اليه.
وأما قوله: "ثم أمهات الأب" إلي آخر المعدودات فلا دليل على شيء من ذلك بل مجرد رأي بحت وجهه النظر إلي من هو مظنة للحنو على الصبي.
والحاصل ان الحق في الحضانة للأم ثم للخالة فإن عدما فالأب أولى بولده يضعه حيث يشاء من قرائبه أو غيرهن وإذا وقع النزاع بينه وبين الام أو الخالة كان الحكم ما تقدم في الاحاديث كما بينا وإذا كان الاب لا يحسن حضانة ولده أو ليس ممن يقوم برعاية مصالحه كان للحاكم أن يعين من يحضنه من قرائبه أو غيرهن وهكذا إذا كان الاب غير موجود.