وأخرج الطبراني في الكبير من حديث حذيفة بن أسيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من آذى المسلمين في طرقهم وجبت عليه لعنتهم" وإسناده حسن.

وهذه الأحاديث تفيد وجوب الترك وتحريم الفعل لا شك في ذلك فلا وجه للقول بأنه متدوب.

قوله: "والجحر"

أقول: قد ثبت النهي عن البول فيها كما في حديث عبد الله بن سرجس عند أبي دأود والنسائي والحاكم والبيهقي أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يبولن أحدكم في جحر" [أبو دأود "29"، النسائي "1/33"] ، وإسناده صحيح وكل رجاله ثقات.

وأما قول الصحأبي لما سئل عن سبب ذلك فقال كان يقال إنها مساكن الجن فهذا لم يرفعه إلي النبي صلى الله عليه وسلم ولو قدرنا رفعه لم يصلح ذلك لصرف النهي عن حقيقته لأن كونها مساكن الجن مما يؤكد التحريم.

قوله: "والصلب والتهوية به".

أقول: إن كان البول في الصلب أو التهوية به مما يتأثر عنه عود شيء منه إلي البائل فتجنب ذلك واجب لأن التلوث به حرام وما يتسبب عنه الحرام حرام.

قوله: "وقائما"

أقول: المروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يبول قاعدا كما في حديث عائشة عند أحمد ومسلم والترمذي والنسائي قالت: "ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبول إلا قاعدا" [الترمذي "12"، النسائي "29"] ، وفي رواية عنها عند أبي عوانة في صحيحه والحاكم قالت: "ما بال رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما منذ أنزل عليه القرآن".

وأخرج ابن ماجه والحاكم وعبد الرزاق وصححه السيوطي عن عمر قال رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبول قائما فقال: "يا عمر لا تبل قائما" فما بلت قائما بعد. [ابن ماجة "305"] .

وأخرج ابن ماجه والبيهقي من حديث جابر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبول الرجل قائما. [ابن ماجة 309"] وفي إسناده عدي بن الفضل وفيه ضعف.

وقد ثبت في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم مال إلي سباطة قومه فبال عليها قائما وعلل ذلك أنه كان لجرح مأبضه.

ولم يثبت ذلك من وجه يصلح للعمل به وقد تقرر في الأصول أن فعله صلى الله عليه وسلم لما نهى عنه نهيا عأما يكون مخصصا له وإن كان النهي خاصا بالأمة فلا يعارضه فعله صلى الله عليه وسلم بل يكون خاصا به والحاصل أن البول من قيام إذا لم يكن محرما فهو مكروه كراهة شديدة وأما إذا كان يتأثر منه ترشرش البائل بشيء من بوله فهو حرام لأنه يتسبب عنه الحرام كما تقدم.

قوله: "والكلام".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015