الصحيح من حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه ان فتاة جاءت إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت ان أبي زوجني ابن اخيه ليرفع بي خسيسته قال فجعل الامر اليها فقالت قداجزت ما صنع أبي ولكن اردت ان اعلم النساء انه ليس إلي الاباء من سبيل وأخرجه أحمد والنسائي من حديث ابن بريدة عن عائشة ومحل الحجة منه قولها ليرفع بي خسيسته فإن ذلك مشعر بانه غير كفء لها 2 ولا يخفى ان هذا إنما هو من كلامها وإنما جعل النبي صلى الله عليه وسلم الامراليها لكون رضاها معتبرا فإذا لم ترض لم يصح النكاح سواء كان المعقود له كفء أو غير كفء وقد قدمنا الكلام في اعتبار الرضا وأيضا هو زوجها ابن اخيه وابن عمر المراة كفء لها.
واستدل على اعتبار الكفاءة في النسب بما أخرجه أحمد والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم من حديث بريدة مرفوعا: "إن أحساب أهل الدنيا الذين يذهبون إليه المال"، وبما أخرجه أحمد والترمذي وصححه هو الحاكم من حديث سمرة مرفوعا: "الحسب المال والكرم التقوى"، ويحتمل ان يكون المراد ان هذا هو الذي يعتبره أهل الدنيا كما صرح به في حديث بريدة وان هذه حكاية عن صنيعهم واغترارهم بالمال وعدم اعتدادهم بالدين فيكون في حكم التوبيخ لهم والتقريع.
وأما ما أخرجه الحاكم عن ابن عمر انه صلي الله عليه وسلم قال: "العرب أكفاء بعضهم لبعض قبيلة لقبيلة وحي لحي ورجل لرجل الا حائك أو حجام"، فقد ذكر الحافظ أنهموضوع وقد أوضحنا الكلام عليه في كتابنا في الموضوعات الذي سميناه الفوائد المجموعة في الاحاديث الموضوعة.
وأما ما أخرجه الترمذي عن علي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاث لا تؤخر: الصلاة إذا أتت والجنازة إذا حضرت والأيم إذا وجدت لها كفئا"، فليس في هذا الحديث ما يدل على اعتبار الكفاءة في النسب بل يحمل على ان المراد إذا وجدت لها كفءا ترضى خلقه ودينه كما في الحديثين السابقين.
وما حديث: "خياركم في الجأهلية خياركم في الإسلام"، [البخاري "6/525"، مسلم "2838"] ، فليس فيه دلالة على المطلوب لأن إثبات كون البعض خيرا من بعض لا يسلتزم ان الادنى غير كفء للأعلى.
وهكذا حديث: "إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى من كنانة قريشا واصطفى من قريش بني هاشم" فإن هذا الاصطفاء لا يدل على ان الادنى غير كفء للأعلى وقد ثبت أنه صلي الله عليه وسلم زوج مولاء زيد بن حارثة بزينب بنت جحش القرشية وزوج أسامة بن زيد بفاطمة بنت قيس القرشية وزوج عبد الرحمن بن عوف بلالا بأخته وأخرج أبو دأود أن أبا هند حجم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا بني بياضة أنكحوا أبا هند وانكحوا إليه"، وأخرجه أيضا الحاكم وحسنه ابن حجر في التلخيص.
وأخرج البخاري "9/131"، وغيره النسائي "6/63، 64"، أبو داود "2061" عن عائشة ان أبا