والدارقطني بإسناد رجاله ثقات من حديث ابن عباس أن جارية بكرا اتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم فإن هذا التخيير يدل على أن العقدا لواقع قدن نفذ بإجازتها ولا يحتاج إلي تجديد.
ومن ذلك ما أخرجه أحمد باسناد رجاله ثقات وأخرجه أيضا الدارقطني عن ابن عمر قال توفي عثمان بن مظعون وترك ابنة له من خولة بنت حكيم بن اميه بن حارثة الأوقصى وأوصى إلي اخيه قدامة بن مظعون فخطبت إلي قدامة بن مظعون فزوجنيها ودخل المغيرة بن شعبة إلي امها فأرغبها في المال فحطت اليه وحطت الجارية إلي هوى امها فترافعوا إلي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "هي يتيمة ولا تنكح إلا بإذنها".
وكما تدل هذه الأحاديث على أن العقد يكون موقوفا على إلاجازة فهي تدل أيضا على ما ذكره المصنف من تخيير الصغيرة إذا بلغت ولا تحتاج في إثبات خيارها إلي قياسها على بريرة حيث خيرها النبي صلى الله عليه وسلم لما عتقت بين البقاء تحت زوجها أو فسخه.
ولا يقال أن ما وقع منه صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث هو كان قبل الدخول لأنا نقول الصغيرة لا حكم للرضا منها قبل بلوغها ولا يكون الدخول بها دليلا على أنها قد رضيت.
وإذا ظهر ذلك هذا عرفت أنه لا وجه لقوله إلا من زوجها ابوها كفئا لا يعاف فإن هؤلاء النساء المذكورات في هذه الأحاديث الثلأثة زوجهن اباؤهن بأكفانهن فإن العرب أكفاء لبعضهم البعض.
وأما الاستدلال على هذا الاستثناء بحديث: "أنت ومالك لأبيك" فغير مطابق لمحل النزاع ومما ينبغي أن يذكر ها هنا مع تلك الثلاثة الأحاديث حديث عبد الله بن بريرة عن أبيه قال جاءت فتاة إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت أن أبي زوجني ابن اخيه يرفع بن خسيسته قال فجعل الأمر اليها فقالت قد اجزت ما صنع ولكني اردت أن اعلم النساء أن ليس إلي الأباء من الأمر شيء أخرجه ابن ماجه برجال الصحيح وأخرجه أيضا أحمد والسنائي من حديث عبد الله بن بريدة عن عائشة وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الأمر اليها ولم يكن ذلك لعدم الكفاءة كما يفيده قولها ليرفع بي خسيسته فإن أباها قد زوجها بابن اخيه وهو كفء لها وإنما جعله اليها لعدم الرضا منها ولهذا نفذ العقد بإجازتها.
وأما قوله: "وكذا الصغير في الاصح" فقد استدل لهذا إلالحاق بالقياس وهو قياس قوي لاشتراكهما في كثير من الأحكام ولكنه يقال ها هنا فارق اقوى من هذا الجامع الذي كان به إلالحاق وهو أن الصغير عند بلوغه يملك الطلاق ويقدر على تخليص نفسه به بخلاف الصغيرة عند بلوغها فإنه لا مخرج لها من عقدة نكاح من صارت في عقده إلا بالفسخ.
وأما قوله: "ويصدق مدعي البلوغ بإلاحتلام فقط محتملا" فوجهه أنه لا يمكن إقامة البينة على هذا السبب المعدود من اسباب البلوغ بخلاف غيره من الأسباب فإن الحيض يمكن أن