قوله: "والرضاع في ذلك كالنسب".
أقول: قد صح عنه صلى الله عليه وسلم من حديث جماعة في الصحيحين وغيرهما انه قال: "يحرم من الرضاعة ما يحرم من الرحم"، [اليخاري "5/253، مسلم "12/1447"] ، وفي لفظ فيهما: "ما يحرم من النسب" [البخاري "5/253"، مسلم "13/1447"] وفي لفظ فيهما: "يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة"، فالواجب التوقف على ما تدل عليه هذه الاحاديث بعمومها ولا يخص منها الا ما خصصه دليل صحيح صالح للتخصيص.
وإذا عرفت هذا كفاك عن الخبط والخلط الواقع في هذه المسألة لكثير من المتكلمين فيها وعليك ان تلاحظ مع ملاحظتك لهذه الادلة انه صلى الله عليه وسلم لم يقل يحرم من الرضاعة ما يحرم من الصهارة فلا يحرم من اصهار أهل الرضاعة الا ما جاء النص بتحريمه والا فهو حلال وقد ذكرت في شرحي للمنتقى ما يهتدي به الناظر إلي صوب الصواب.
قوله: "والمخالفة في الملة".
أقول: ما كان ينبغي للمصنف ومن قال يقوله ان يتركوا ما دل عليه الكتاب العزيز بالخصوص ويتمسكوا بالعام فإن قوله عز وجل: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5] ، مخصص لعموم قوله سبحانه: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221] ، على تقدير تحقق الاشراك في اليهود والنصارى فإن هذا حكم الله عز وجل في كتابه العزيز فكيف يبلغ التعصب بصاحبه إلي اهمال الدلائل القرآنية التي هي أوضح من شمس النهار ولهذا فإن السلف لم يظهر بينهم خلاف في جواز نكاح الكتابيات ولا أنكر أحد منهم على فاعله ومع هذا فقد وقع الاجماع على حل وطء المسبيات من المشركين ولم يخالف في ذلك مخالف فكما كان هذا المخصص لعموم الكتاب معمولا به عندهم يكون ما هو اظهر منه وأوضح دلالة وهو قوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} فلا يدخل تحته الا من كان من أهل الكتاب ولم يبق على دين الانبياء الذين انزل الله عليهم كتابه الا اليهود والنصارى فيخرج من هذا المخصص المجوس ولكنه صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال في المجوس: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب" فكان لهم حكمهم في حل نسائهم ونحو ذلك من الامور الثابتة لأهل التاب ولم يصح الاستثناء المروي في هذا الحديث وهو قوله: "غير آكلي ذبائحهم وناكحي نسائهم"، فكان للمجوس حكم أهل الكتاب في جميع ما اثبته شرعنا لهم.
وأما قوله: "والمرتدة" فلا وجه لأفرادها بالذكر فهي كافرة من جملة الكوافر ومخالفة في الملة من جملة المخالفات والكلام فيها كما قدمنا.
وأما قوله: "والمحصنة" فتحريمها ثابت بنص القرآن وإجماع المسلمين وهكذا الملاعنة أبدا والمثلثة حتى تنكح زوجا غيره وهكذا المعتدة بنص القرأن والاجماع.