وذكرنا جميع ما ورد من الادلة الدالة على تخصيص هذه الادلة المقتضية لاختصاص كل عامل بعمله فليرجع اليه. وبهذا القدر تعرف لأكلام على ما جعله المصنف متفرعا على لزوم الوصية بالحج إلي آخر الفصل فلا تشتغل بالكلام عليه.
[فصل
وإنما يستأجر مكلف عدل لم يتضيق عليه حج في وقت يمكنه أداء ما عين فيستكمل الأجرة بالاحرام والوقوف وطواف الزيارة وبعضها بالبعض وتسقط جميعا بمخالفة الوصي وإن طابق الموصى وبترك الثلاثة وبعضها بترك البعث ولا شيء في المقدمات الا لذكر أو فساد عقد وله ولورثته الاستنابة للعذر ولو لبعد عامة إن لم يعين وما لزمه من الدماء فعليه الا دم القران والتمتع] .
قوله: "فصل وإنما يستأجر مكلف" الخ.
أقول: هذا فصل مبني على صحة الاسئجار وصحة الوصية به وقد قدمنا الكلام على ذلك فلا حاجة لنا في الكلام على هذا الفصل فإنه متفرع على ما أوضحنا عدم ورود دليل يدل عليه وعلى تقدير صحة الاستئجار وصحة الوصية فما ذكره المصنف من اشتراط التكليف والعدالة في الاجير أمر لا بد منه فإن غير المكلف لا يصح منه عمل نفسه فكيف يصح منه عمل غيره ومن لا عدالة له فهو غير مأمون ان يستأجر على تأدية فريضة الله وركن من أركان الإسلام.
وأما قوله: "لم يتضيق عليه الحج" فصحيح إن قلنا بصحة الاستئجار لأنه مع التضييق قد صار مخاطبا بفريضة نفسه فلا يجوز له الاشتغال بغيرها مما هو فرض على غيره ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم: "حج عن نفسك ثم عن شبرمة" وقد قدمنا الكلام على هذا الحديث.
وهكذا لا بد ان يكون الاستئجار للأجير في وقت يمكنه أداء ما استؤجر له وأما كونه يستحق الأجرة بالاحرام والوقوف وطواف الزيارة فلكونها أركان الحج التي يتم بفعلها وقد قدمنا الكلام على ذلك.
وأما كون الأجرة تسقط جميعها بمخالفة الوصي وإن طابق الموصى فهو خلاف ما يختاره المصنف في سائر الابواب من ان الاعتبار بالانتهاء.
وأما كونه لا شيء في المقدمات فصحيح لأنه لم يفعل المقصود لو بعضه الا ان يذكرها فقد اشترط لنفسه لا لفساد العقد فإن فساده لا يكون سببا لاستحقاق الأجرة على غير المقصود.