أحدهما لزمته الفديه وبقي محرما حتى يتحلل فإن زال عذره قبل الحل في العمرة والوقوف في الحج لزمه الاتمام فيتوصل اليه بغير مجحف وينتفع بالهدي إن ادركه في العمرة مطلقا وفي الحج إن ادرك الوقوف وإلا تحلل بعمرة ونحره ومن لم يجد فصيام كالمتمتع وعلى المحصر القضاء ولا عمرة معه] .
قوله: "فصل ومن احصره عن السعي في العمرة أو الوقوف في الحج" الخ.
أقول: احسن ما يستدل به على اثبات حكم هذا الحصر ما أخرجه مسلم وغيره عن ابن عباس ان ضباعة بنت الزبير قالت: يا رسول الله إني امرأة ثقيلة وإني أريد الحج فكيف تأمرني أهل؟ فقال: "أهلي واشترطي أن محلى حيث حبستني".
وفي الصحيحين وغيرهما من حديث عائشة قالت دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ضباعة بن الزبير فقال لها: "لعلك أردت الحج؟ " قالت: والله ما أجدني الا وجعة فقال لها: "حجي واشترطي وقولي اللهم محلي حيث حبستني".
وقد أخرج أحمد "3/450"، من حديث ضباعة نفسها وفي الباب عند أنس عند البيهقي وعن جابر عنده أيضا وعن ابن مسعود وأم سلمة عنده أيضا وعن ام سلمة عند أحمد والطبراني في الكبير وعن ابن عمر عند الطبراني في الكبير.
فهذه الاحاديث قد دلت على ثبوت حكم الحصر وان من اشترط هذا الاشتراط لم يثبت عليه حكم الحصر ومن لم يشترط ثبت عليه وقد ذهب جماعة من الصحابة منهم على وعمر وابن مسعود وجماعة من التابعين اليه ذهب أحمد واسحاق وابو ثور إلي انه لا يجوز التحلل مع عدم الاشتراط وذهب أبو حنيفة ومالك وبعض التابعين إلي انه لا يصح الاشتراط وهذه الاحاديث ترد عليهم.
وإذا تقرر هذا فقد ثبت انه صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه احصروا بالحدييية ونزل قوله تعالي: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] ، فدل هذا على ان ما يلزم هذا المحصر الذي لم يشترط هو ما استيسر له فقول المصنف رحمه الله: "بعث بهدي" ما استيسر له وهذا إذا أمكنه البعث بالهدي فإن تعذر عليه ذلك لخوف طريق أو نحوه نحره حيث احصر وإن كان في الحل فقد نحر النبي صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه بالحديبية وهي من الحل ولهذا تلكأ اصحابه ولم ينحروا حتى نحر ولم يحلقوا حتى حلق وهذه الآية وإن كان سببها خاصا فالاعتبار بعموم اللفظ كما تقرر في الاصول فيقيد بها ما ورد مطلقا كحديث: "من كسر أو عرج فقد حل" وأما ما ذكره من لزوم الفدية إذا انكشف حله قبل احدهما فلا دليل عليه كما انه لا دليل على قوله فإن زال عذره قبل الحل في العمرة والوقوف في الحج لزمه الاتمام الخ بل الظاهر