قوله: "باب والمتمتع هو من يريد الانتفاع بين الحج والعمرة بما لا يحل للمحرم الانتفاع به".
أقول: قد ثبت ان أنواع الحج ثلاثة تمتع وقران وأفراد فهذا الرسم لبيان ماهية حج التمتع وتمييزه من النوعين الاخرين فلا يرد عليه من هذه الحيثية اعتراض والمراد انه توصل بالعمرة إلي ان يحل له مالا يحل لمن يحج كحجه.
قوله: "وشرطه أن ينوى".
أقول: التمتع بالعمرة إلي الحج عمل وانما الاعمال بالنيات ولا عمل الا بنية كما صح ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أصاب المصنف بجمل النية شرطا ها هنا فهو الحق في جميع الاعمال وقد قدمنا تقرير ذلك وأما قوله وان لا يكون ميقاته داره فقد استدل عليه بقوله تعالي: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أهلهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196] ، على ان الاشارة إلي التمتع وهو الظاهر لا إلي الهدى ويؤيد هذا المجي بصيغة الاشارة إلي البعيد ويؤيده أيضا قوله: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ} [البقرة: 196] ، فإنه خطاب للمحصرين لا لأهل مكة فإنهم لا يحصرون عن البيت.
وأما قوله: "وأن يحرم له من الميقات أو قبله" فمعناه انه يشترط لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ان يحرم من الميقات وقد تقدم في باب العمرة ما يوضح المراد ويبين الصواب.
وأما قوله: "وفي اشهر الحج" فليس عليه دليل تقوم به الحجة.
وأما قوله: "وأن يجمع حجه وعمرته سفر وعام واحد" فلكونه لا يظهر معنى التمتع الا بجمع الحج والعمرة في عام واحد ثم الواقع ممن حج تمتعا من الصحابة في عام حجة صلى الله عليه وسلم كان هكذا ولكن قد عرفناك ان الدليل الذي يصلح للاستدلال به على الشرطية لا بد ان يكون مقتضيا لتاثير عدم الشرط في عدم المشروط كما سبق غير مرة.
[فصل
ويفعل ما مر الا انه يقدم العمرة فيقطع التلبية ندبا عند رؤية البيت ويتحلل عقيب السعي ثم يحرم للحج من أي مكة وليس شرطا ثم يستكمل المناسك مؤخرا لطواف القدوم ويلزمه الهدى بدنة عن عشرة وبقر ةعن سبعة مقترضين وان اختلف وشاة عن واحد فيضمنه إلي محله ولا ينتفع قبل النحر به غالبا ولا بفوائده ويتصدق بما خشى فساده إن لم يتبع وما فات ابد له فإن فرط فالمثل والا فالواجب فإن عاد خير ويتصدق بفضله الأفضل