قوله: "ومنها لبس الرجل المخيط".

أقول: الاحاديث الصحيحة قد وردت بمنع المحرم من لبس القميص والسرأويل ثم قالوا انه صلى الله عليه وسلم قد نبه بذلك على المنع من كل مخيط ولا أرى هذا صحيحا فإن ورد ما يدل على تحريم لبس المخيط على العموم فذاك ولكنه لم يرد فينبغي التوقف على المنع مما سماه النبي صلى الله عليه وسلم فقد ثبت في حديث ابن عمر في الصحيحين [البخاري "3/401"، مسلم "1177"] ، وغيرهما [أبو داود "1824"، الترمذي "833" النسائي "5/131، 132"، ابن ماجة 2929"] ، إن النبي صلى الله عليه وسلم سئل ما يلبس المحرم فقال: "لا يلبس المحرم القميص ولا العمامة ولا البرنس ولا السراويل ولا ثوبا مسه ورس ولا زعفران ولا الخفين إلا أن لا يجد نعلين فليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين".

وأخرج البخاري "4/52"، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين".

وأخرج أحمد وأبو دأود عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ينهى النساء في الإحرام عن القفازين والنقاب وما مس الورس والزعفران من الثياب وزاد أبو دأود والحاكم والبيهقي ولتلبس بعد ذلك ما احبت من الثياب معصفرا أو خزا أو حليا أو سرأويل أو قميصا.

والأحاديث في الباب كثيرة والحاصل ان الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم قد بين أكمل بيان مالا يجوز للمحرم لبسه فما عدا ذلك جاز له لبسه سواء كان مخيطا أو غير مخيط.

وأما قوله: "فإن نسي شقه" فغير صحيح فإن هذا إضاعة للمال وقد رود النهي عنها ولكن ينزع الجبة أو القميص كما في حديث يعلى بن امية ان رجلا جاء إلي النبي صلى الله عليه وسلم وهو متضمخ بطيب فقال يا رسول الله كيف ترى في رجل احرم في جبة بعدما تضمخ بطيب فنظر اليه النبي صلى الله عليه وسلم ساعة فجاءه الوحي ثم سرى عنه فقال: "أين الذي سألني عن العمرة آنفا؟ " فالتمس الرجل فجيء به فقال: "أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات وأما الجبة فانزعها ثم اصنع في العمرة كل ما تصنع في حجك"، هكذا في الصحيحين [البخاري "9/9"، مسلم "8/1180"، وغيرهما [أبو داود "1819"، الترمذي "836"، النسائي "5/142، 143"] ، وأما ما ذكره من وجوب الدم في لبس المخيط فليس على ذلك دليل والاصل البراءة فلا ينقل عنها الا دليل صحيح يصلح للنقل.

قوله: "وتغطيه رأس الرجل ووجه المرأة".

أقول: أما تغطيه رأس الرجل فلما أخرجه مسلم "99/1206، 100/1206"، وغيره [البخاري "1851، 1267"، أحمد "1/328، 1/215"، النسائي "5/195، 5/197"] ، من حديث ابن عباس ان رجلا وقصته ناقته وهو محرم فمات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تخمروا وجهه ولا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا"، وهذا التعليل بقوله فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا يدل على ان العلة في عدم التغطية هو الاحرام قال النووي في شرح مسلم أما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015