وعليه الدليل الدال على ذلك ولم يأت من الادلة على وجوب التتابع ما تقوم به الحجة بل الادلة التي وردت في عدم وجوب التتابع انهض من الادلة التي استدل بها الموجبون للتابع وان كان الجميع لا تقوم به الحجة نعم إذا جاء بأيام القضاء متتابعة فقد سارع إلي التخلص عما عليه وبادر إلي امتثال الامر فهو من هذه الحيثية مندوب كما قال المصنف.

قوله: "فإن حال عليه رمضان لزمته فدية مطلقا".

أقول: لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا ما تقوم به الحجة ولا حجة فيما روى عن بعض الصحابة والذي طلبه الله سبحانه ممن افطر رمضان أو بعضه هو ان يقضيه حيث قال: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} ومن قضى رمضان بعد مضي عام أو عامين أو اكثر فقد فعل ما أوجبه الله سبحانه وهو العدة من ايام اخر ولم يقيد الله سبحانه هذه العدة بايقاعها في العام الذي فات فيه الصوم ولا أوجب على المتراخي كفارة.

[فصل

وعلى من افطر لعذر مأيوس أو ايس عن قضاء ما افطره كالهم ان يكفر بنصف صاع عن كل يوم ولا يجزى التعجيل ويجب الايصاء بها ويحمل عليه على صوم لا صوموا عني وتنفذ في الأول من رأس المال والا فمن الثلث] .

قوله: فصل: "وعلى من افطر لعذر مأيوس أو أيس عن قضاء ما افطره ... ".

أقول: قد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث سلمة بن الاكوع قال لما نزلت هذه الآية {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] ، كان من أراد ان يفطر يفتدى حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها.

وأخرج أحمد وابو دأود عن معاذ نحوه وفيه ثم انزل الله تعالي: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة:185] ، فأثبت الله سبحانه صيامه على المقيم الصحيح ورخص فيه للمريض والمسافر وثبت الاطعام للكبير الذي لا يستطيع الصيام فثبت بهذا ان الآية كانت للتخيير بين الصوم والفدية لكل الناس ثم نسخت وبقي الترخيص للشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصيام ويجب عليه الفدية ولا يخالف هذا ما روى عن ابن عباس حيث قال إنها ليست منسوخة هي للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان ان يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكينا أخرجه عنه البخاري لأنه قد جعلها للشيخ الكبير والشيخة.

وأما قوله: "لم تنسخ" فغير صحيح فإن الله سبحانه قال: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] ، ولم يقل وعلى الذين لا يطيقونه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015