وأما قوله: "ثم من المهاجرين ثم من الانصار ثم من سائر المسلمين" فليس لهذا الترتيب وجه بل يستحق يتامى المهاجرين والانصار وابناء سبيلهم من هذه الثلاثة السهوم نصيبهم ولا تكون مرتبتهم مسقطة لمن كان من أهل هذه الثلاثة السهوم من غيرهم فهذا شيء قد تولى الله سبحانه قسمته في كتابه فليس لنا ان نقول بالرأي وتقييد كلامه سبحانه بمجرد الخيال ولم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا شيء حتى يقال انه مقيد للكتاب أو مخصص له.
قوله: "وتجب النية".
أقول: قد قدمنا غير مرة ان الاحاديث المصرحة بأن "الاعمال بالنيات" وبأنه "لا عمل إلا بنية" تدل على وجوب النية في كل عمل وقول ولا سيما الاقوال والافعال التي هي قرب فلا يحتاج إلي الاستدلال على ذلك في كل باب من الابواب والامر أوضح من ان يحتاج إلي تطويل الاستدلال.
وأما كون الخمس يجب من العين فذلك ظاهر لقوله سبحانه: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] ، فأوجب الخمس في المغنوم وذلك ينصرف إلي عينه فلا يجزئ غيرها الا بدليل.
وأما كون الصرف يكون في غير المنفق فقد تقدم في الزكاة ما يفيد في مصرف الخمس فارجع اليه.
[فصل
والخراج ما ضرب على ارض افتتحها الامام وتركها في يد أهلها على تأديته والمعاملة على نصيب من غلتها ولهم في الارض كل تصرف ولا يزد الامام على ما وضعه السلف وله النقص فإن التبس فالأقل مما على مثلها في ناحيتها فإن لم يكن فما شاء وهو بالخيار فيما لا يحول بين الوجوه الاربعة] .
قوله: فصل: "والخراج" الخ.
أقول: هذا البيان لماهية الخراج والمعاملة صحيح.
وأما قوله: "ولهم في الأرض كل تصرف" فلا يدرى ما سببه ولا ما هو الامر الذي يقتضيه فإنها قد خرجت عن ملكيتهم باغتنام المسلمين لها فلا يقتضي ابقاؤهم عليها خراجا أو معاملة عودها إلي ملكهم اصلا فكيف يصح لهم فيها كل تصرف ومن اين جاز لهم ذلك فإن هذا لا تقتضيه القواعدالفقهية مع كون الادلة ترده فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأهل خيبر بعد أن صالحهم على أن لهم الشطر من ثمارها: "نقركم على ذلك ما شئنا"، وهو في الصحيحين [البخاري "5/21"، مسلم "6/1551"] ، وغيرهما [أبو دأود "3008"] .