قوله: "ولا الابراء والاضافة بنيتها".
أقول: أما الابراء فقد قدمنا ان الزكاة تجب من العين فإذا لم تكن العين موجودة جاز إخراج الجنس ثم القيمة فهذا الذي جعل الدين الذي له على الفقير من الزكاة الواجبة عليه ان كانت العين موجودة لديه صرفها إلي الفقير وردها الفقير اليه قضاء عن دينه وان لم تكن موجودة لديه كان الابراء للفقير في حكم التسليم اليه ولا مانع من ذلك ومن ادعى ان ثم مانعا فعليه الدليل.
وأما الاضافة للفقير فإن كان ذلك بعين الزكاة فلا شك في جوازه وهكذا ان كان بجنسها مع عدم العين ومن ادعى ان ثم مانعا فعليه الدليل وأما التعليل بالعلل الفرعية من كون الزكاة تمليكا وكون النية لا بد ان تكون مقارنة فليس ذلك مما تقوم به الحجة بل هو في نفسه عليل.
قوله: "ولا اعتداد بما اخذه الظالم غصبا وان وضعه في موضعه".
أقول: هذه المسألة قد أوضح الامر فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينه لامته كما ثبت عنه في الصحيحين [البخاري: "7052", مسلم: "45/1843"] وغيرهما من حديث ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها"، فقالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: "تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم".
وأخرج مسلم ["1846"] وغيره [الترمذي "2199"] من حديث وائل بن حجر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجل يسأله فقال أرأيت ان كان علينا امراء يمنعون حقنا ويسألون حقهم قال: "اسمعوا واطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم"، وفي الباب أحاديث واثار كثيرة عن جماعة من الصحابة وقد جعل الله أمر الزكاة إلي الائمة عدلوا أو جاروا فرب المال قد أوجب الله عليه الدفع اليهم لان ذلك هو من الحق الذي لهم ومن تمام الطاعة الثابتة في الكتاب والسنة المتواترة فالقول بعدم الاعتداد هو مجرد شك ووسوسة اقتضى ذلك عدم الاشتغال بعلم السنة وقد قدمنا ذكر الادلة الدالة على وجوب الدفع للزكاة إلي السعاة وان جاروا وظلموا وحصول البراءة بالتسليم اليهم.
وأما قوله: "ولا بخمس ظنه الفرض" فلا وجه له لأنه قد أخرج الواجب وزيادة عليه نأويا به الزكاة فوقع قدر الزكاة عنها والزائد إذا أراد استرجاعه فله ذلك لانه إنما أخرجه معتقدا لوجوبه عليه فانكشف خلافه.
[فصل
ولغير الوصي والولي التعجيل بنيتها الا عما لم يملك وعن معشر قبل إدراكه وعن سائمة وحملها وهو إلي الفقير تمليك فلا يكمل بها النصاب ولا يردها ان انكشف النقص