خلاف ظاهر القرآن وخلاف ما ثبت في السنة كقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تحل الصدقة لغني الا في سبيل الله أو ابن السبيل أو جار فقير يتصدق عليه فيهدي لك أو يدعوك"، أخرجه أحمد ["3/56"] ، ومالك في الموطأ والبزار وعبد بن حميد وابو دأود ["1636"] ، وابو يعلى والبيهقي والحاكم وصححه من حديث أبي سعيد.

وفي لفظ لأبي دأود ["1636"، وابن ماجه "1841"، "لا تحل الصدقة لغني الا لخمسة لعامل عليها أو رجل اشتراها بماله أو غارم أو غاز في سبيل الله أو مسكين تصدق عليه بها فأهدى منها لغني".

وسيأتي الكلام على هذا الاشتراط في كل صنف اشترط فيه ذلك.

قوله: "والفقير من ليس بغني".

أقول: هذا هو المذكور في كتب اللغة الصحاح والقاموس وغيرهما فيحتاج في معرفة معنى الفقير إلي معرفة معنى الغني وقد جعله المصنف رحمه الله من يملك نصابا ووجه هذا ان النبي صلى الله عليه وسلم أمر باخذ الزكاة من الاغنياء وردها في الفقراء فوصف ن تؤخذ منه الزكاة بالغني وقد قال: "لا تحل الصدقة لغني"، [أحمد "9/93"، أبو دأود "1633"، النسائي "2598"] ، فكأن الفقير من لا يملك نصابا وقد ذكرنا في شرح المنتفى اختلاف المذاهب في حد الغنى وذكرنا ادلتهم ومنها ما أخرجه أحمد وأبو دأود وابن حبان وصححه عن سهل بن الحنظلية قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سأل وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من النار"، قالوا: يا رسول الله وما يغنيه؟ قال: "قدر ما يعشيه ويغديه".

ومنها ما أخرجه أحمد ["1/441"] بوأهل السنن [أبو دأود "1626"، "الترمذي "650"، ابن ماجة "1840"، النسائي "3593"] ، وحسنه الترمذي من حديث ابن مسعود مرفوعا: "من سأل الناس وله ما يغنيه جاء يوم القيامة ومسألته في وجهه خموش" قالوا: يا رسول الله وما يغنيه؟ قال: "خمسون درهما أو حسابها من الذهب".

ومنها ما أخرجه أحمد ["3/907"، وأبو دأود "1628"، والنسائي "2596"] ، بإسناد رجاله ثقات من حديث أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سأل وله قيمة أوقية فقد الحف".

وفي الباب أحاديث ولكن لا يخفى ان هذه الاحاديث فيمن يحرم عليه سؤال الناس لا فيمن تحرم عليه الزكاة ولكن قد سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اشتملت عليه هذه الاحاديث غنيا فيكون الواجد لذلك المقدار غنيا وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم: "أن الزكاة لاحظ فيها لغني" [أحمد "9/93"، أبو دأود "1633"، النسائي "2598"] ، ويجمع بين هذه الاحاديث بالأخذ بأكثرها مقدارا وهو الخمسون الدرهم.

وأما قول المصنف رحمه الله: "متمكنا أو مرجوا" فقد قدمنا في المرجو انه لا بد ان يكون بحيث يأخذه متى شاء. وأما قوله ولو غير زكوى فوجه ذلك انه قد صار مالكا لقيمة النصاب الزكوى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015