ورواه غير زهير عن أبي إسحاق موقوفا قال ابن حجر وهو عن أبي دأود وابن حبان وصححه ابن القطان على قاعدته في توثيق عاصم بن ضمرة وعدم التعليل بالوقوف وبالرفع.
هذا حاصل ما ورد في اعتبار السوم والانعام الثلاث لها حكم واحد في الزكاة فالوارد في بعضها يقوى الوارد في البعض الاخر ولا سيما مع اعتضاد ذلك بأن الاصل البراءة فلا ينقل عنها الا ناقل صحيح وقد ورد الناقل وهو ايجاب الزكاة في الانعام مقترنا بكونه في السائمة كما عرفت.
ولا يخفاك ان ظاهر أحاديث اعتبار الحول التي قدمنا ذكرها يدل على انه لا بد ان يحول عليها الحول سائمة وان سامت في بعض الحول وعلفت في بعضه فالظاهر عدم الوجوب.
وهكذا إذا بدل جنسا بجنسه غير قاصد للحيلة فإنه يستأنف التحويل للبدل من عند دخوله في ملكه ولا اعتبار بحول المبدل ولا يبنى عليه.
قوله: "وإنما يؤخذ الوسط غير المعيب".
أقول: أما كونه يؤخذ الوسط فلما أخرجه أبو دأود ["1582"] ، والطبراني بإسناد جيد من حديث عبد الله بن معأوية الفاضري من غاضرة قيس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث من فعلهن طعم طعم الايمان من عبد الله وحده وانه لا إله الا الله واعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه رافدة عليه كل عام ولا يعطى الهرمة ولا الدرنة ولا المريضة ولا الشرط اللئيمة ولكن من وسط اموالكم فإن الله لم يسألكم خيره ولم يأمركم بشره".
فإن بذلك المسالك ما هو خير مما يجب عليه طيبة به نفسه فلا بأس بذلك لما أخرجه أحمد وأبو دأود والحاكم وصححه من حديث أبي بن كعب قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقا فمررت برجل فلم أجد عليه في ماله الا ابنة مخاض فاخبرته انها صدقته فقال ذاك ما لا لبن فيه ولا ظهر وما كنت لأقرض الله مالا لبن فيه ولا ظهر ولكن هذه ناقة سمينة فخذها فقلت ما انا بآخذ ما لم أومر به فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم منك قريب فخرج معي وخرجنا بالناقة حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذلك الذي عليك وان تطوعت بخير قبلناه منك وآجرك الله فيه" قال: فخذها فأمر رسول الله صلى الله عليه بقبضها ودعا له بالبركة وفي إسناده محمد بن إسحاق ولكنه قد صرح هنا بالتحديث وهكذا إذا قبل المصدق ما هو معيب فإنه يجزئ رب المال لما في حديث أنس الصحيح المتقدم [البخاري "1448، 1450، 1453، 1454، 1455، 2487، 3106، 5878، 6955"، أبو دأود "1567" النسائي "2447"] . ذكر بعضه بلفظ: "ولا تؤخذ في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس الا إن يشاء المصدق".
وأما قوله: "غير المعيب"، فلما تقدم في حديث الغاصري وفي حديث أنس هذا ولما في حديث ابن عمر المتقدم ذكر بعضه بلفظ: "ولا تؤخذ هرمة ولا ذات عيب من الغنم" وكما روى