بتسليم الجزية إليهم فذلك حكم خاص بالأحياء وأما الأموات فقد خرجوا عن العهد وصاروا إلي النار فكيف تكون حرمة مقبرة الكافر الذي هو من أهل النار بالاتفاق كمقبرة المسلم وإن كان الدليل دل على ذلك فما هو؟.
وأما ما ذكره تفريعا على هذه المسألة من لزوم الأجرة إلخ فهو مجرد رأي لا دليل عليه والأصل احترام مال المسلم فلا يؤخذ منها إلا بمسوغ شرعي وليس هذا بمسوغ شرعي بل قد اثم بما فعله وغاية ما يجب عليه إصلاح ما أفسده بحسب الإمكان.
قوله: "ويكره اقتعاد القبر ووطؤه ونحوهما".
أقول: أما الاقتعاد فلحديث أبي هريرة عند مسلم ["971"، وأحمد "2/311، 389، 444"، وأبي دأود "3228"، والنسائي "2044"، وابن ماجه "1566" قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلي جلده خير له من أن يجلس على قبر".
وأخرج أحمد من حديث عمرو بن حزم قال رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئا على قبر فقال: "لا تؤذ صاحب هذا القبر". قال ابن حجر وإسناده صحيح.
وأما وطء القبر فلما أخرجه مسلم "971"، وغيره من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ: "لأن أطأ على جمرة أحب إلي من أن أطأ على قبر"، ولفظ الطبراني "أحب إلي من أن أطأ على قبر مسلم".
وأما قبر الحربي فلا حرمة له كما ذكر المصنف لما ثبت في كتب السير والحديث [البخاري "428"، مسلم "9/524"، ابن ماجة "742"، أبو دأود "453"، النسائي "702"، أحمد "3/211، 212"، الترمذي "350"] : "أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل مسجده على مقبرة كانت للمشركين بعد أن نبش قبورهم" وهم وإن ماتوا قبل البعثة المحمدية فقد كانوا مخاطبين بإجابة من تقدم من الأنبياء عليهم السلام.
[فصل
وندبت التعزية لكل بما يليق به وهي بعد الدفن أفضل وتكرار الحضور مع أهل المسلم المسلمين] .
قوله: فصل: "وندب التعزية لكل بما يليق به".
أقول: يدل على ذلك حديث عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله عز وجل من حلل الكرامة يوم القيامة"، أخرجه ابن ماجه "1601"] ، وكل رجاله ثقات إلا قيسا ابا عمارة ففيه لين ويدل على ذلك أيضا ما أخرجه ابن ماجه والترمذي والحاكم عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من عزى مصابا فله مثل أجره" وأعل بتفرد علي بن عاصم بوصله وقد وثقه