وأما ما ورد فيه النهي كرفع القبر فهو حرام لا كراهة تنزيه هكذا ينبغي أن يقال في أضداد هذه المذكورات.

قوله: "والإنافة بقبر غير فاضل".

أقول: هذا اعتزاز بما وقع من الناس لا سيما الملوك والأكابر من رفع قبورهم وجعل القباب عليها وهذا حرام بالأدلة الصحيحة الثابتة في الصحيح وغيره من طرق توجب العلم اليقين فمنها الأمر بتسوية القبور كما تقدم ومنها النهي عن البناء عليها كما تقدم أيضا ومنها النهي عن اتخاذ القبور مساجد ولعن فاعل ذلك وغير ذلك مما هو مبين في كتب السنة.

وبالجملة فما هذه أول شريعة صحيحة وسنة قائمة تركها الناس واستبدلوا بها غيرها ولكن هذه البدعة قد صارت وسيلة لضلال كثير من الناس لا سيما العوام فإنهم إذا رأوا القبر وعليه الأبنية الرفيعة والستور الغالية وانضم إلي ذلك إيقاد السرج عليه تسبب عن ذلك الاعتقاد في ذلك الميت ولا يزال الشيطان يرفعه من رتبة إلي رتبة حتى يناديه مع الله سبحانه ويطلب منه ما لا يطلب إلا من الله عز وجل ولا يقدر عليه سواه فيقع في الشرك.

فليت شعري ما وجه تخصيص قبور الفضلاء بهذه الداهية الدهياء والمعصية الصماء العمياء فإنهم أحق من غيرهم باتباع السنة في قبورهم وترك ما حرمته الشريعة على الناس.

قوله: "وجمع جماعة إلا لتبرك وضرورة".

أقول: الثابت في هذه الشريعة ثبوتا قطعيا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجعل لكل ميت حفرة مستقلة وكان هذا معلوما لا ينكره أحد ووقع منه جمع جماعة في قتلى أحد للضرورة وتضييق الحادثة فليقتصر على الضرورة ويكون الجمع فيما عدا الضرورة خلاف الشريعة والكراهة اقل ما يتصف به.

وأما الجمع للتبرك فلم يرد في هذا شيء لأن الكلام في جمع جماعة من الأموات في حفرة واحدة لا في حفر متجأورة فليس ذلك مما نحن بصدده.

وأما ما ذكره من كراهة الفرش للقبر فلكون الواقع في زمن النبوة بمرأى ومسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وضع الميت على الأرض ففي فرش القبر مخالفة للسنة الثابتة مع ما في ذلك من كونه من إضاعة المال التي ثبت النهي عنها وما روي من أن بعض الصحابة وضع قطيفة حمراء في قبره صلى الله عليه وسلم فلا حجة في ذلك على أنه قد روى أنهم أخرجوها.

وأما كراهة التسقيف للقبر فلكونه خلاف الشريعة الثابتة المستمرة المستقرة من أنهم كانوا بعد وضع الميت في حفرته يهيلون عليه التراب حتى يستوي على الأرض وأيضا هذا التسقيف يصدق عليه أنه بناء على القبر وهو منهي عنه كما تقدم.

وأما كراهة إدخال الآجر فلم يرد بذلك دليل وهي مثل اللبن الذي كانوا يفعلونه في أيام النبوة وأصلب منه وهكذا إدخال الأحجار وجعلها على اللحد فلا وجه للقول بالكراهة.

قوله: "والزخرفة إلا رسم الاسم".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015