وأما اشتمال الخطبة على حمد الله والصلاة على رسوله فهكذا كانت خطبته صلى الله عليه وسلم وليس ذلك إلا استفتاحا للخطبة المقصودة ومقدمة من مقدماتها والمقصود بالذات هو الوعظ والتذكير وهو الذي يساق إليه الحديث ولأجله شرع الله هذه الخطبة ولم يشرعها لمجرد الحمد لله والصلاة على رسوله فجعل المصنف للوعظ مندوبا وللحمد والصلاة على رسول الله واجبا ليس كما ينبغي وكان عليه أن يضم إلي الحمد والصلاة الشهادتين فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لازمهما في خطبته كما لازم الحمد وغيره فلا وجه لإيجاب بعض ما لازمه رسول الله صلى الله عليه وسلم دون بعض فإن ذلك تحكم لا ينبغي من منصف وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلو شيئا من القرآن وقد يأتي في خطبته بسورة كاملة والمقصود الموعظة بالقرآن وإيراد ما يمكن من زواجره وذلك لا يختص بسورة كاملة.

والحاصل أن روح الخطبة هو الموعظة الحسنة من قرآن أو غيره وقد خلط المصنف خلطا عظيما بإيجابه للبعض وإهماله للبعض والقول بندبية البعض وكان عليه أن يثبت لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حكما واحدا وإذا أراد تخصيص البعض بحكم آكد من غيره فليجعل ما هو المقصود والمراد من الخطبة وهو الوعظ آكد من غيره وأدخل في المشروعية.

والقيام في الخطبتين مع القعود بينهما هو الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلاف ذلك بدعة

والسكتة مع عدم القعود لم تثبت ولا فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا الخلفاء الراشدون بل كانوا يقعدون بين الخطبتين.

وأما قوله: "ولا يتعدى ثالثة المنبر إلا لبعد سامع" فلم يرد في هذا شيء فذكره في مندوبات الخطبة لا وجه له

وأما الاعتماد على سيف أو نحوه فقد روي ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وروي عنه أيضا التسليم على الحاضرين قبل الشروع في الخطبة من طرق يقوي بعضها بعضا.

قوله: "وندب المأثور قبلهما وبعدهما وفي اليوم".

أقول: قد اشتملت السنة المطهرة على ذلك فمن جملة ما اشتملت عليه الإتيان إلي الجمعة بالسكينة والوقار وعدم تخطي الرقاب وترك الجلوس في مجلس قد سبق إليه سابق والتطيب بعد الاغتسال وصلاة ركعتي التحية ولو في حال الخطبة وصلاة اربع ركعات بعد الفراغ من الصلاة والتكبير إلي الجمعة وترك الاحتباء حال الخطبة وترك العبث بالحصى والتحول من المحل الذي نعس فيه إلي غيره.

ومن المشروعات في اليوم الاستكثار من الدعاء لأن فيه الساعة التي لا يرد فيها الدعاء والاستكثار من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قوله: "ويحرم الكلام حالهما".

أقول: هذا هو مقتضى الأدلة كحديث أبي هريرة في الصحيحين [البخاري "394"، مسلم "851"] ، وغيرهما [أبو دأود "1112"، الترمذي "511"، النسائي 3/104"، ابن ماجة "1110"] ، أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015